أولت رؤياك؟ قال: " أولت البقر الذي رأيت بقرا فينا وفى القوم، وكرهت ما رأيت بسيفي ".
ويقول رجال: كان الذي رأى بسيفه: الذي أصاب وجهه، فإن العدو أصاب وجهه يومئذ، وقصموا رباعيته وخرقوا شفته، يزعمون أن الذي رماه عتبة بن أبي وقاص، وكان البقر من قتل من المسلمين يومئذ.
وقال: أولت الكبش أنه كبش كتيبة العدو يقتله الله، وأولت الدرع الحصينة المدينة، فامكثوا واجعلوا الذراري في الآطام، فإن دخل علينا القوم في الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت. وكانوا قد سكوا أزقة المدينة بالبنيان حتى [صارت] كالحصن.
فقال الذين لم يشهدوا بدرا: كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله، فقد ساقه الله إلينا وقرب المسير.
وقال رجل من الأنصار: متى نقاتلهم يا رسول الله إذا لم نقاتلهم عند شعبنا؟ وقال رجال: ماذا نمنع إذا لم نمنع الحرب بروع؟
وقال رجال قولا صدقوا به ومضوا عليه، منهم حمزة بن عبد المطلب، قال: والذي أنزل عليك الكتاب لنجادلهم.
وقال نعيم بن مالك بن ثعلبة، وهو أحد بني سالم: يا نبي الله لا تحرمنا الجنة، فوالذي نفسي بيده لأدخلنها.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم؟ قال: بأني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت. واستشهد يومئذ.
وأبى كثير من الناس إلا الخروج إلى العدو، ولم يتناهوا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيه، ولو رضوا بالذي أمرهم كان ذلك، ولكن غلب القضاء والقدر.