وقال آخرون من العلماء وهم الجمهور، منهم الشافعي: هذا الصنيع يوم الخندق منسوخ بشرعية صلاة الخوف بعد ذلك، فإنها لم تكن مشروعة إذ ذاك فلهذا أخروها يومئذ. وهو مشكل.
قال ابن إسحاق: وجماعة ذهبوا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بعسفان، وقد ذكرها ابن إسحاق وهو إمام في المغازي قبل الخندق، وكذلك ذات الرقاع ذكرها قبل الخندق. فالله أعلم.
وأما الذين قالوا: إن تأخير الصلاة يوم الخندق وقع نسيانا، كما حكاه شراح مسلم عن بعض الناس، فهو مشكل، إذ يبعد أن يقع هذا من جمع كبير مع شدة حرصهم على محافظة الصلاة، كيف وقد روى أنهم تركوا يومئذ الظهر والعصر والمغرب حتى صلوا الجميع في وقت العشاء، من رواية أبي هريرة وأبى سعيد.
قال الامام [أحمد]: حدثنا يزيد وحجاج، قالا: حدثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه. قال: حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هوى من الليل حتى كفينا. وذلك قوله: " وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا " قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأمره فأقام فصلى الظهر كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام العصر فصلاها كذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كذلك وذلك قبل أن ينزل. قال حجاج: في صلاة الخوف " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ".
وقد رواه النسائي عن الفلاس، عن يحيى القطان، عن ابن أبي ذئب به. قال:
شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس. فذكره.
وقال أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا أبو الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم