ائتني بماء ثلج. فغسلا به جوفي. ثم قال: ائتني بماء برد. فغسلا به قلبي. ثم قال: ائتني بالسكينة فذرها في قلبي. ثم قال أحدهما لصاحبه: خطه. فخاطه وختم على قلبي بخاتم النبوة، فقال أحدهما لصاحبه: اجعله في كفة واجعل ألفا من أمته في كفة. فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يخر على بعضهم. فقال: لو أن أمته وزنت به لمال بهم. ثم انطلقا فتركاني وفرقت فرقا شديدا، ثم انطلقت إلى أمي فأخبرتها بالذي لقيت، فأشفقت أن يكون قد لبس بي، فقالت: أعيذك بالله. فرحلت بعيرا لها وحملتني على الرحل.
وركبت خلفي، حتى بلغنا إلى أمي، فقالت: أديت أمانتي وذمتي. وحدثتها بالذي لقيت، فلم يرعها، وقالت: إني رأيت خرج منى نور أضاءت منه قصور الشام ".
ورواه أحمد من حديث بقية بن الوليد به. وهكذا رواه عبد الله بن المبارك وغيره عن بقية بن الوليد به.
وقد رواه ابن عساكر من طريق أبى داود الطيالسي، حدثنا جعفر بن عبد الله بن عثمان القرشي، أخبرني عمير بن عمر بن عروة بن الزبير، قال سمعت عروة بن الزبير يحدث عن أبي ذر الغفاري قال: قلت يا رسول الله كيف علمت أنك نبي حين علمت ذلك واستيقنت أنك نبي؟ قال: " يا أبا ذر، أتاني ملكان وأنا ببعض بطحاء مكة، فوقع أحدهما على الأرض، وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو؟
قال: هو هو. قال زنه برجل. فوزنني برجل فرجحته " وذكر تمامه، وذكر شق صدره وخياطته وجعل الخاتم بين كتفيه قال: " فما هو إلا أن وليا عنى فكأنما أعاين الامر معاينة ".
ثم أورده ابن عساكر عن أبي بن كعب بنحو ذلك، ومن حديث شداد بن أوس بأبسط من ذلك.