عنه ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله.
قال: فيلتفت حوله عن يمينه وعن شماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة، فمكث كذلك يرى ويسمع ما شاء الله أن يمكث، ثم جاءه جبريل عليه السلام بما جاء من كرامة الله وهو بحراء في رمضان.
قال ابن إسحاق: وحدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير، قال سمعت عبد الله ابن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد: كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين جاءه جبريل. قال: فقال عبيد وأنا حاضر، يحدث عبد الله ابن الزبير ومن عنده من الناس:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء في كل سنة شهرا يتحنث. قال:
وكان ذلك مما تحنث (1) به قريش في الجاهلية، والتحنث: التبرر.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته.
حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها، وذلك الشهر رمضان، خرج إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله تعالى.