أشراف اليمن: اغتنموا غضبة عمرو فاشتروا منه أمواله. وانتقل في ولده وولد ولده.
وقالت الأزد لا نتخلف عن عمرو بن عامر. فباعوا أموالهم وخرجوا معه، فساروا حتى نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان، فحاربتهم عك، فكانت حربهم سجالا، ففي ذلك قال عباس بن مرداس:
وعك بن عدنان الذين تلعبوا (1) * بغسان حتى طردوا كل مطرد قال: فارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلاد، فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام، ونزل الأوس والخزرج يثرب، ونزلت خزاعة مرا (2)، ونزلت أزد السراة السراة، ونزلت أزد عمان عمان. ثم أرسل الله تعالى على السد السيل فهدمه، وفى ذلك أنزل الله هذه الآيات. وقد روى عن السدى قريب من هذا.
وعن محمد بن إسحاق في روايته أن عمرو بن عامر كان كاهنا. وقال غيره: كانت امرأته طريفة بنت الخير الحميرية كاهنة فأخبرت بقرب هلاك بلادهم، وكأنهم رأوا شاهد ذلك في الفأر الذي سلط على سدهم ففعلوا ما فعلوا والله أعلم.
وقد ذكرت قصته مطولة عن عكرمة فيما رواه ابن أبي حاتم في التفسير.
فصل:
وليس جميع سبأ خرجوا من اليمن لما أصيبوا بسيل العرم، بل أقام أكثرهم بها، وذهب أهل مأرب الذين كان لهم السد فتفرقوا في البلاد، وهو مقتضى الحديث المتقدم عن ابن عباس أن جميع قبائل سبأ لم يخرجوا من اليمن، بل إنما تشاءم ومنهم أربعة وبقى