ووضع مسواكه في فيه ثم خرج على الناس، فقالوا له: ذا نواس أرطب أم يباس؟ فقال ؟ ل نخماس استرطبان لا باس (1) فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع، فخرجوا في أثر ذي نواس حتى أدركوه، فقالوا: ما ينبغي أن يملكنا غيرك إذ أرحتنا من هذا الخبيث.
فملكوه عليهم، واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن، فكان آخر ملوك حمير، وتسمى يوسف، فأقام في ملكه زمانا، وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم عليه السلام على الإنجيل، أهل فضل واستقامة من أهل دينهم، لهم رأس يقال له عبد الله ابن الثامر.
ثم ذكر ابن إسحاق سبب دخول أهل نجران في دين النصارى، وأن ذلك كان على يدي رجل يقال له فيميون، كان من عباد النصارى بأطراف الشام، وكان مجاب الدعوة، وصحبه رجل يقال له صالح، فكانا يتعبدان يوم الأحد ويعمل فيميون بقية الجمعة في البناء، وكان يدعو للمرضى والزمني وأهل العاهات فيشفون، ثم استأسره وصاحبه بعض الاعراب فباعوهما بنجران، فكان الذي اشترى فيميون يراه إذا قام في مصلاه بالبيت الذي هو فيه في الليل يمتلئ عليه البيت نورا، فأعجبه ذلك من أمره.
وكان أهل نجران يعبدون نخلة طويلة يعلقون عليها حلي نسائهم ويعكفون عندها، فقال فيميون لسيده: أرأيت إن دعوت الله على هذه الشجرة فهلكت أتعلمون أن الذي أنتم عليه باطل؟ قال: نعم. فجمع له أهل نجران، وقام فيميون إلى مصلاه فدعا الله عليها، فأرسل الله عليها قاصفا فجعفها (2) من أصلها ورماها إلى الأرض، فاتبعه أهل نجران على