فما عرفوه حتى كانت وقعة بدر وأحد بالشعب، فعرفوا أنه كان الذي جاء به إلى صاحبته.
قال ابن إسحاق: وحدثني على بن نافع الجرشي أن جنبا - بطنا من اليمن - كان لهم كاهن في الجاهلية، فلما ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر في العرب، قالت له جنب: انظر لنا في أمر هذا الرجل. واجتمعوا له في أسفل جبله.
فنزل إليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائما متكئا على قوس له فرفع رأسه إلى السماء طويلا، ثم جعل ينزو، ثم قال: أيها الناس إن الله أكرم محمدا واصطفاه، وطهر قلبه وحشاه، ومكثه فيكم أيها الناس قليل. ثم اشتد في جبله راجعا من حيث جاء.
ثم ذكر ابن إسحاق قصة سواد بن قارب. وقد أخرناها إلى هواتف الجان.
فصل قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن رجال من قومه، قالوا إن مما دعانا إلى الاسلام - مع رحمة الله تعالى وهداه لنا - أن كنا نسمع من رجل من يهود (1) - كنا أهل شرك أصحاب أوثان، وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقلتكم معه قتل عاد وإرم.
فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم.
فلما بعث الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله، وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به. فبادرناهم إليه، فآمنا به وكفروا به.
ففينا وفيهم نزلت هذه الآية. " ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما