وروى عن ابن عباس أنه قال: لم يكن شئ من بني آدم يشبه سطيحا، إنما كان لحما على وضم ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعينيه وكفيه، وكان يطوى كما يطوى الثوب من رجليه إلى عنقه، ولم يكن فيه شئ يتحرك إلا لسانه.
وقال غيره: إنه كان إذا غضب انتفخ وجلس.
ثم ذكر ابن عباس أنه قدم مكة فتلقاه جماعة من رؤسائهم منهم عبد شمس وعبد مناف أبناء قصي، فامتحنوه في أشياء فأجابهم فيها بالصدق، فسألوه عما يكون في آخر الزمان، فقال: خذوا منى ومن إلهام الله إياي: أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم، سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم، وينشو من عقبكم ذوو فهم، يطلبون أنواع العلم فيكسرون الصنم، ويتبعون الردم، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم.
ثم قال: والباقي الأبد، والبالغ الأمد ليخرجن من ذا البلد، نبي مهتد، يهدى إلى الرشد، يرفض يغوث والفند، يبرأ عن عبادة الضد، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه الله بخير دار محمودا، من الأرض مفقودا، وفي السماء مشهودا، ثم يلي أمره الصديق، إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم يلي أمره الحنيف، مجرب غطريف، قد أضاف المضيف، وأحكم التحنيف. ثم ذكر عثمان ومقتله وما يكون بعد ذلك من أيام بنى أمية ثم بني العباس. وما بعد ذلك من الفتن والملاحم. ساقه ابن عساكر بسنده عن ابن عباس بطوله.
وقد قدمنا قوله لربيعة بن نصر ملك اليمن حين أخبره برؤياه قبل أن يخبره بها، ثم ما يكون في بلاد اليمن من الفتن وتغيير الدول، حتى يعود إلى سيف بن ذي يزن فقال له:
أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع. قال: ومن يقطعه؟ قال نبي زكى يأتيه الوحي من قبل العلى. قال: وممن هذا النبي؟ قال: من ولد غالب بن فهر، بن مالك