الشياطين يستمعون الوحي، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم منعوا، فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: لقد حدث أمر. فرقى فوق أبى قبيس، وهو أول جبل وضع على وجه الأرض، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى خلف المقام. فقال: أذهب فأكسر عنقه. فجاء يخطر وجبريل عنده، فركضه جبريل ركضة طرحه في كذا وكذا، فولى الشيطان هاربا.
ثم رواه الواقدي وأبو أحمد الزبيري كلاهما عن رباح بن أبي معروف، عن قيس بن سعد، عن مجاهد. فذكر مثل هذا، وقال: فركضه برجله فرماه بعدن.
فصل في كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تقدم كيفية ما جاءه جبريل في أول مرة، وثاني مرة أيضا.
وقال مالك: عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:
أن الحارث بن هشام سأل. رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟
فقال: " أحيانا يأتيني مثل صلصة الجرس، وهو أشده على، فيفصم عنى وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا يكلمني فأعي ما يقول ".
قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا.
أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك به.