قائلهم: تعلمن والله ما قومكم على شئ، لقد أخطأوا دين إبراهيم وخالفوه، ما وثن يعبد لا يضر ولا ينفع؟! فابتغوا لأنفسكم (1).
فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم.
فأما ورقة بن نوفل فتنصر واستحكم في النصرانية وابتغى الكتب من أهلها حتى علم علما كثيرا من أهل الكتاب.
ولم يكن فيهم أعدل أمرا وأعدل ثباتا من زيد بن عمرو بن نفيل، اعتزل الأوثان وفارق الأديان من اليهود والنصارى والملل كلها إلا دين الحنيفية دين إبراهيم، يوحد الله ويخلع من دونه ولا يأكل ذبائح قومه فأذاهم بالفراق لما هم فيه.
قال: وكان الخطاب قد آذاه أذى كثيرا حتى خرج منه إلى أعلى مكة، ووكل به الخطاب شبابا من قريش وسفهاء من سفهائهم، فقال: لا تتركوه يدخل [مكة] فكان لا يدخلها إلا سرا منهم فإذا علموا به أخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم أو يتابعه أحد إلى ما هو عليه.
وقال موسى بن عقبة: سمعت من أرضى يحدث عن زيد بن عمرو بن نفيل كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض، لم تذبحوها على غير اسم الله؟! إنكارا لذلك وإعظاما له.
وقال يونس عن ابن إسحاق: وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد عزم على الخروج من مكة ليضرب (2) في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم، وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده آذنت الخطاب بن نفيل.
فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم