فلما بلغ ذلك النجاشي ملك الحبشة الذي بعثهم إلى اليمن غضب غضبا شديدا على أبرهة، وقال: عدا على أميري فقتله بغير أمري! ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته.
فحلق أبرهة رأسه، وملا جرابا من تراب اليمن، ثم بعث به إلى النجاشي ثم كتب إليه: أيها الملك، إنما كان أرياط عبدك، وأنا عبدك، فاختلفنا في أمرك، وكل طاعته لك، إلا أنى كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه، وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك، وبعثت إليه بجراب تراب من أرضى ليضعه تحت قدمه فيبر قسمه في.
فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضى عنه وكتب إليه أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري. فأقام أبرهة باليمن.
ذكر سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة فأهلكه الله عاجلا غير آجل كما قال الله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل. ألم يجعل كيدهم في تضليل. وأرسل عليهم طيرا أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول).
قيل: أول من ذلل الفيلة إفريدون بن أثفيان الذي قتل الضحاك. قاله الطبري. وهو أول من اتخذ للخيل السرج. وأما أول من سخر الخيل وركبها فطهمورث، وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا، ويقال إن أول من ركبها إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب. والله تعالى أعلم.