ثم شرى (1) الامر بينهم وبينه حتى تباعد الرجال وتضاغنوا.
وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها، فتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا عليه.
ثم إنهم مشوا إلى أبى طالب مرة أخرى، فقالوا: يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين. أو كما قالوا. ثم انصرفوا عنه.
فعظم على أبى طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خذلانه.
قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، أنه حدث أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:
يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني فقالوا كذا وكذا، للذي قالوا له، فأبق على وعلى نفسك ولا تحملني من الامر ما لا أطيق.
قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بدو (1) وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه.
قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الامر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه ما تركته ".
قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام!