يستنصر عليهم، فوعدهم ذلك ولم ينجزه لهم في الحالة الراهنة، وأخبرهم عمن كان قبلهم أنهم كانوا يلقون من العذاب ما هو أشد مما أصابهم ولا يصرفهم ذلك عن دينهم، ويبشرهم أن الله سيتم هذا الامر ويظهره ويعلنه، وينشره وينصره في الأقاليم والآفاق، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز وجل والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون.
ولهذا قال: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في وجوهنا وأكفنا فلم يشكنا " أي لم يدع لنا في الساعة الراهنة.
فمن استدل بهذا الحديث على عدم الابراد، أو على وجوب مباشرة المصلى بالكف، كما هو أحد قولي الشافعي، ففيه نظر. والله أعلم.
باب مجادلة المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقامة الحجة الدامغة عليهم واعترافهم في أنفسهم بالحق، وإن أظهروا المخالفة عنادا وحسدا وبغيا وجحودا قال إسحاق بن راهويه: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن الوليد بن المغيرة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض ما قبله!
قال: قد علمت قريش أنى من أكثرها مالا.
قال: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له.