فلما خلا ناداه: يا محمد، قل (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) حتى بلغ (ولا الضالين) قل: لا إله إلا الله.
فأتى ورقة فذكر له ذلك، فقال له ورقة: أبشر ثم أبشر. فأنا أشهد أنك الذي بشر بك ابن مريم، وإنك على مثل ناموس موسى، وإنك نبي مرسل، وإنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا، ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك.
فلما توفى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير، لأنه آمن بي وصدقني " يعنى ورقة.
هذا لفظ البيهقي، وهو مرسل، وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل.
وقد قدمنا من شعره ما يدل على إضماره الايمان وعقده عليه وتأكده عنده، وذلك حين أخبرته خديجة ما كان من أمره مع غلامها ميسرة، وكيف كانت الغمامة تظلله في هجير القيظ، فقال ورقة في ذلك أشعارا قدمناها قبل هذا، منها قوله:
لججت وكنت في الذكرى لجوجا * لأمر طالما بعث النشيجا ووصف من خديجة بعد وصف * فقد طال انتظاري يا خديجا ببطن المكتين على رجائي * حديثك أن أرى منه خروجا بما خبرتنا من قول قس * من الرهبان أكره أن يعوجا بأن محمدا سيسود قوما * ويخصم من يكون له حجيجا ويظهر في البلاد ضياء نور * يقيم به البرية أن تعوجا فيلقى من يحاربه خسارا * ويلقى من يسالمه فلوجا فيا ليتي إذا ما كان ذاكم * شهدت وكنت أولهم ولوجا