ثم استودعها عمرا. فلما قتل عمر وأخاه حسان ورجع إلى اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر، فسأل الأطباء والحزاة (1) من الكهان والعرافين عما به، فقيل له: إنه والله ما قتل رجل أخاه قط أو ذا رحم بغيا إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر. فعند ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه، فلما خلص إلى ذي رعين قال له: إن لي عندك براءة.
قال وما هي؟ قال: الكتاب الذي دفعته إليك. فأخرجه فإذا فيه البيتان فتركه ورأى أنه قد نصحه.
وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.
وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن وقد ملكها سبعا وعشرين سنة.
قال ابن إسحاق: فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت الملك (2) يقال له لخنيعة (3) ينوف ذو شناتر، فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم، وكان مع ذلك امرأ فاسقا يعمل عمل قوم لوط، فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة (4) له قد صنعها لذلك، لئلا يملك بعد ذلك، ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده قد أخذ مسواكا فجعله في فيه، ليعلمهم أنه قد فرغ منه.
حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان، وكان صبيا صغيرا حين قتل أخوه حسان، ثم شب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل، فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه، فأخذ سكينا حديدا لطيفا فخبأه بين قدميه ونعله، ثم أتاه فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس فوجأه حتى قتله، ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها،