صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بابن أخي. فهذا السياق موقوف على ابن عباس، وليس فيه أنه كان نبيا، والمرسلات التي فيها أنه نبي لا يحتج بها هاهنا. والأشبه أنه كان رجلا صالحا له أحوال وكرامات، فإنه إن كان في زمن الفترة فقد ثبت في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن أولى الناس بعيسى بن مريم أنا، لأنه ليس بيني وبينه نبي ". وإن كان قبلها فلا يمكن أن يكون نبيا لان الله تعالى قال:
﴿لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك﴾ (1).
وقد قال غير واحد من العلماء: إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيا في العرب، إلا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء الذي دعا به إبراهيم الخليل، باني الكعبة المكرمة التي جعلها الله قبلة لأهل الأرض شرعا، وبشرت به الأنبياء لقومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى بن مريم عليه السلام.
وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان صاحب مدين، وبعث إلى العرب أيضا حنظلة بن صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بختنصر، فنال منهم من القتل والسبي نحو ما نال من بني إسرائيل، وذلك في زمن معد بن عدنان.
والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير والله أعلم. وقد تقدم ذكر عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف في أخبار خزاعة بعد جرهم.