صلى الله عليه وسلم لأبي جهل: " يا أبا الحكم، هلم إلى الله وإلى رسوله، أدعوك إلى الله ".
فقال أبو جهل: يا محمد، هل أنت منته عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت؟ فنحن نشهد أن قد بلغت، فوالله لو أنى أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك.
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فقال: والله إني لاعلم أن ما يقول حق، ولكن [يمنعني] شئ، إن بني قصي. قالوا: فينا الحجابة. فقلنا: نعم. ثم قالوا فينا السقاية فقلنا: نعم. ثم قالوا فينا الندوة. فقلنا: نعم. ثم قالوا: فينا اللواء. فقلنا: نعم.
ثم أطعموا وأطعمنا، حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي! والله لا أفعل.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن خالد، حدثنا أحمد بن خلف، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق.
قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على أبى جهل وأبى سفيان، وهما جالسان، فقال أبو جهل: هذا نبيكم يا بنى عبد شمس. قال أبو سفيان: وتعجب أن يكون منا نبي!
فالنبي يكون فيمن أقل منا وأذل.
فقال أبو جهل: أعجب أن يخرج غلام من بين شيوخ نبيا!
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع، فأتاهما فقال: " أما أنت يا أبا سفيان، فما لله ورسوله غضبت ولكنك حميت للأصل. وأما أنت يا أبا الحكم، فوالله لتضحكن قليلا ولتبكين كثيرا " فقال: بئسما تعدني يا بن أخي من نبوتك.
هذا مرسل من هذا الوجه، وفيه غرابة. وقول أبى جهل، لعنه الله، كما قال الله تعالى مخبرا عنه وعن أضرابه " وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا، أهذا الذي بعث الله رسولا؟ إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها، وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا (1).