ثم شرع البيهقي في ذكر بناء الكعبة في زمن إبراهيم كما قدمناه في قصته، وأورد حديث ابن عباس المتقدم في صحيح البخاري، وذكر ما ورد من الإسرائيليات في بنائه في زمن آدم.
ولا يصح ذلك، فإن ظاهر القرآن يقتضى أن إبراهيم أول من بناه مبتدئا، وأول من أسسه، وكانت بقعته معظمة قبل ذلك معتنى بها مشرفة في سائر الأعصار والأوقات.
قال الله تعالى: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " (1).
وثبت في الصحيحين عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول؟
قال: " المسجد الحرام " قلت ثم أي؟ قال " المسجد الأقصى " قلت كم بينهما؟ قال:
أربعون سنة " وقد تكلمنا على هذا (2) وأن المسجد الأقصى أسسه إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام.
وفى الصحيحين " إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ".
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أحمد ابن مهران، حدثنا عبيد الله، حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن عبد الله ابن عمرو. قال: كان البيت قبل الأرض بألفي سنة، " وإذا الأرض مدت ". قال:
من تحته مدت.
قال: وقد تابعه منصور عن مجاهد.