ابن جرير بن حازم ثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم الأنصاري عن علي بن عبد الله بن العباس عن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ثلثمائة وستون صنما قد شد لهم إبليس أقدامها برصاص فجاء ومعه قضيب فجعل يهوى به إلى كل صنم منها فيخر لوجهه فيقول (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) حتى مر عليها كلها.
ولا خلاف أنه لم يجر فيها قسم ولا غنيمة، ولا سبى من أهلها أحد لما عظم الله من حرمتها ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم مكة حرام محرم لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة. قال أبو عمر والأصح والله أعلم أنها بلدة مؤمنة أمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم.
وقال الأموي كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة فلما مر بها على أبي سفيان وكان قد أسلم أبو سفيان فقال سعد إذ نظر إليه اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة الأنصار حتى إذا حاذى أبا سفيان ناداه يا رسول الله أمرت بقتل قومك فإنه زعم سعد ومن معه حين مر بنا أنه قاتلنا أنشدك الله في قومك فأنت أبر الناس وأرحمهم وأوصلهم. وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف يا رسول الله والله لا نأمن سعدا أن تكون منه في قريش صولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله فيه قريشا. وقال ضرار بن الخطاب الفهري يومئذ:
يا نبي الهدى إليك لجاحيى * قريش ولات حين لجاء حين ضاقت عليهم سعة الأرض * وعاداهم إله السماء والتقت حلقتا البطان على القوم * ونودوا بالصيلم الصلعاء (1)