[غزوة تبوك في شهر رجب سنة تسع] توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم قال ابن إسحاق وكان ذلك في زمن عسرة من الناس وجدب من البلاد وحين طابت الثمار فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها وورى بغيرها إلا ما كان من غزوة تبوك لبعد الشقة وشدة الزمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بنى سلمة يا جد هل لك العام في جلاد بنى الأصفر فقال يا رسول الله أتأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء منى وإني أخشى إن رأيت نساء بنى الأصفر أن لا أصبر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك ففيه نزلت (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني) وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر. فأنزل الله فيهم (وقالوا لا تنفروا في الحر. الآية) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وأنفق عثمان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها. وذكر ابن سعد قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء وجاء البكاؤون وهم سبعة يستحملون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا
(٢٥٣)