هم القوم من أصفاهم الود مخلصا تمسك في أخراه بالسبب الأقوى هم القوم فاقوا العالمين مآثرا محاسنها تجلى وآياتها تروى بهم عرف الناس الهدى فهداهم يضل الذي يقلى ويهدى الذي يهوى موالاتهم فرض وحبهم هدى وطاعتهم قربى وودهم تقوى وقد كانت نفسي تنازعني دائما أن أجمع مختصرا أذكر فيه لمعا من أخبارهم وجملة من صفاتهم وآثارهم، وكانت العوايق تمنع من المراد، وعوادي الأيام تضرب دون بلوغ الغرض بالاسداد، والدهر يماطل كما يماطل الغريم وحوادث الاقدار لا تنام ولا تنيم، إلى أن بلغ الكتاب أجله، وأراد الله تقديمه وكان أجله وأظهره في الوقت الذي قدره له، وألهمني إخراجه من القوة إلى الفعل فأثبت مجمله ومفصله فأعملت فيه فكري، وجمعت على ضم شوارده أمرى وسألت الله أن يشد أزرى، ويحط بكرمه وزري، ويشرح لاتمامه صدري فاستجاب الدعاء وتقبله وخفف عنى ثقل الاهتمام وسهله، فنهضت عزيمتي القاعدة، وهبت همتي الراكدة، وقلت لنفسي: هذا أوان الشد فاشتدي. وحين الاعتداء لما ينفع فاعتدى، وزمان وفاء الغريم المماطل، وأبان إبراز الحق من حيز الباطل، ووقت الاهتمام والشروع، وملازمة النهج المشروع، وإثبات المسند والمرفوع، وذكر الأصول والفروع، وضم أطراف المنقول والمسموع وتحلية الاسماع بجواهر المناقب الفايقة، وإبراز الحق في صورته المعجبة الرايقة، واعتمدت في الغالب النقل من كتب الجمهور، ليكون أدعى إلى تلقيه بالقبول، ووفق رأى الجميع متى وجهوا إلى الأصول، ولان الحجة متى قام الخصم بتشييدها والفضيلة متى نهض المخالف بإثباتها وتقييدها، كانت أقوى يدا، وأحسن مرادا، وأصفى موردا، وأورى زنادا وأثبت قواعد وأركانا وأحكم أساسا وبنيانا، وأقل شانيا وأعلى شأنا، والتزم بتصديقها وان أرمضته
(٤)