كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٨
قال: ثم جاء حتى وقف في موضع الأذان، فأذن ودخل المسجد. وقد كان عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة في منزل قطام بنت الأضبع، فلما سمعت أذان علي رضي الله عنه قامت إليه وهو نائم وكان تناول نبيذا، فأيقظته وقالت: يا أخا مراد! هذا أذان علي، قم فاقض حاجتنا وارجع قرير العين مسرورا، ثم ناولته سيفه، فقال ابن ملجم: بل أرجع والله سخين العين مثبورا، وقد سمعت عليا يقول: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن أشقى الأولين قذاز (1) بن سالف عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتل علي بن أبي طالب "، فما أخوفني أن أكون ذلك الرجل.
قال: ثم تناول سيفه وجاء حتى دخل المسجد ورمى بنفسه بين النيام، وأذن علي رضي الله عنه ودخل المسجد، فجعل ينبه من في المسجد من النيام، ثم صار إلى حرابه فوقف فيه، فافتتح الصلاة (2) وقرأ، فلما ركع وسجد سجدة واستوى قاعدا، وأراد أن يسجد الثانية ضربه ابن ملجم ضربه على رأسه. فوقعت الضربة على الضربة التي كان ضربها عمرو بن عبد ود يوم الخندق بين يدي‌ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بادر فخرج من المسجد هاربا، وسقط علي رحمة الله عليه لما به، وتسامع الناس بذلك وقالوا: قتل أمير المؤمنين ودنت الصلاة، فقام الحسن بن علي (3) فتقدم فصلى بالناس ركعتين خفيفتين.
ثم احتمل علي إلى صحن المسجد وأحدق الناس به، فقالوا: من فعل هذا بك يا أمير المؤمنين! فقال: لا تعجلوا، فإن الذي فعل بي هذا سيدخل عليكم الساعة من هذا الباب - وأومأ بيده إلى بعض الأبواب، قال: فخرج رجل من عبد القيس في ذلك الباب فإذا هو بابن ملجم، وقد سدت عليه المذاهب فليس يدري إلى أين يهرب، فضرب العبدي بيده إليه ثم قال: ويحك لعلك ضارب أمير

(١) كذا بالأصل، وفي تفسير القرطبي ٧ / ٢٤١ " قدار " وعن ابن إسحاق: ممن كان ممن عقر الناقة مصدع وأخوه ذؤاب.
(٢) في مروج الذهب ٢ / ٤٥٩ وخرج علي رضي الله عنه ينادي: أيها الناس، الصلاة، فشد عليه ابن ملجم وأصحابه وهم يقولون: الحكم لله لا لك، وضربه ابن ملجم على رأسه بالسيف في قرنه، وأما شبيب فوقعت ضربته بعضادة الباب، وأما مجاشع بن وردان فهرب. وقال علي: لا يفوتنكم الرجل.
وانظر الطبري ٦ / ٨٤ ابن الأثير ٢ / ٤٣٥ الكامل للمبرد ٣ / ١١١٨ - ١١١٩ الأخبار الطوال ص ٢١٤ تاريخ اليعقوبي ٢ / 212.
(3) في الكامل لابن الأثير 2 / 435 جعدة ابن هبيرة، ابن أخت علي أم هاني.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347