قال: ثم جاء حتى وقف في موضع الأذان، فأذن ودخل المسجد. وقد كان عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة في منزل قطام بنت الأضبع، فلما سمعت أذان علي رضي الله عنه قامت إليه وهو نائم وكان تناول نبيذا، فأيقظته وقالت: يا أخا مراد! هذا أذان علي، قم فاقض حاجتنا وارجع قرير العين مسرورا، ثم ناولته سيفه، فقال ابن ملجم: بل أرجع والله سخين العين مثبورا، وقد سمعت عليا يقول: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن أشقى الأولين قذاز (1) بن سالف عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين قاتل علي بن أبي طالب "، فما أخوفني أن أكون ذلك الرجل.
قال: ثم تناول سيفه وجاء حتى دخل المسجد ورمى بنفسه بين النيام، وأذن علي رضي الله عنه ودخل المسجد، فجعل ينبه من في المسجد من النيام، ثم صار إلى حرابه فوقف فيه، فافتتح الصلاة (2) وقرأ، فلما ركع وسجد سجدة واستوى قاعدا، وأراد أن يسجد الثانية ضربه ابن ملجم ضربه على رأسه. فوقعت الضربة على الضربة التي كان ضربها عمرو بن عبد ود يوم الخندق بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم بادر فخرج من المسجد هاربا، وسقط علي رحمة الله عليه لما به، وتسامع الناس بذلك وقالوا: قتل أمير المؤمنين ودنت الصلاة، فقام الحسن بن علي (3) فتقدم فصلى بالناس ركعتين خفيفتين.
ثم احتمل علي إلى صحن المسجد وأحدق الناس به، فقالوا: من فعل هذا بك يا أمير المؤمنين! فقال: لا تعجلوا، فإن الذي فعل بي هذا سيدخل عليكم الساعة من هذا الباب - وأومأ بيده إلى بعض الأبواب، قال: فخرج رجل من عبد القيس في ذلك الباب فإذا هو بابن ملجم، وقد سدت عليه المذاهب فليس يدري إلى أين يهرب، فضرب العبدي بيده إليه ثم قال: ويحك لعلك ضارب أمير