فمي وأذني (1)، وصلوا علي وواروني في حفرتي وذروني وربي فإن ربي رؤوف رحيم. قال: ثم انقطع كلامه فلم ينطق بشيء، وخرج يزيد من يومه ذلك إلى موضع يقال له حوارين (2) الثنية مقتصدا للصيد وقال للضحاك بن قيس: انظر لا تخف علي شيئا من أمر أمير المؤمنين.
قال: وتوفي معاوية من الغد وليس يزيد بحضرته، وكان ملكه تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، وتوفي بدمشق يوم الأحد لأيام خلت من رجب ست ستين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة - والله أعلم (3). فأنشأ الأحوص بن محمد الأنصاري يقول:
يا أيها الرجل المرحل بالضنى (4) * وهو الكبير له إذا تظليل قدم لنفسك قبل موتك صالحا * واعلم فليس إلى الخلود سبيل إن الحمام لطالب لك لا حق * والموت ربع مقامه محلول لا بد من يوم لكل معمر * فيه لعده (5) عليه بل ترحيل والناس إرسال إلى أمد لهم * يمضي لهم جيل ويخلف جيل إن امرءا أمن الزمان وقد رأى * غير الزمان وزيه لجهول أودى ابن هند وهو في ذي عبرة * أما اعتبرت لمن به معقول ملك تدين له الملوك مبارك * كادت لمهلكه الجبال تزول تجبى له بلخ ودجلة كلها * وله الفرات وما سقى والنيل والشام أجمعها له وبلادها * فيها قبائل دجلة وخيول يمايل ما إن تظن لملكه (6) * عنه ولا لنعيمه تحويل وبكل أرض عوده من عروة * حصن لحرب أو دم مطلول