واعرف للمهاجرين والأنصار حقهم وفضلهم، ولا تكسل ولا تفشل، وأعد السيف للسيف والرمح للرمح والسهم للسهم، واستوص بمن معك من المسلمين خيرا، ولين الكلام وأحسن الصحبة واحفظ وصية نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في الأنصار خاصة.
أن (1) تحسن إلى محسنهم وتتجاوز عن مسيئهم، وقل: لا حول ولا قوة إلا بالله).
قال: فلما ورد الكتاب على خالد بن الوليد جمع أصحابه ثم قرأ عليهم الكتاب وقال: ما الذي ترون الآن من الرأي؟ فقالوا: الرأي رأيك وليس فينا أحد يخالفك.
قال: فعندها عزم خالد على المسير إلى مسيلمة وأصحابه (2)، وكتب حسان بن ثابت الأنصاري إلى محكم بن الطفيل وزير مسيلمة يهدده، قال: فلما وصل كتابه إلى محكم بن الطفيل هذا الذي هو وزير مسيلمة وقرأه أرسل إلى وجوه أهل اليمامة فجمعهم ثم أقبل عليهم فقال: يا بني حنيفة! هذا خالد بن الوليد قد سار إليكم في جمع المهاجرين والأنصار وإنكم تلقون غدا قوما يبذلون أنفسهم دون صاحبهم، فابذلوا أنفسكم دون صاحبكم. قال: فقالت بنو حنيفة: سيعلم خالد غدا إذا نحن التقينا أنا بخلاف من لقي من العرب، فقال محكم بن الطفيل: هذا الذي أريده منكم. قال: وبلغ بني حنيفة أن خالدا قد سار إليهم في الحد والحديد والخيل والجنود فاجتمعوا إلى رجل واحد من أكابرهم يقال له ثمامة بن أثال (3) - وكان ذا عقل وفهم ورأى وكان مخالفا لمسيلمة على ما هو عليه - فقالوا له: يا أبا عامر! إنه قد سار هذا الرجل إلى مقاتلتنا يريد قتلنا وبوارنا واستئصالنا عن جدبة الأرض، فهذا مسيلمة بن حبيب بين أظهرنا وقد ادعى ما قد علمت من النبوة، فهات الذي عندكم من الرأي (4).