فتحا فإنه خير حرمتموه، ولكن سيروا فالحقوا بإخوانكم. قال: فسارت الأنصار حتى لحقت خالد بن الوليد فصار القوم جميعا واحدا، وتوسط خالد بن الوليد أرض البطاح، وبالبطاح يومئذ رجل من أشراف بني تميم يقال له: الجفول (1)، لأنه جفل إبل الصدقة ومنع الزكاة وجعل يقول لقومه: يا بني تميم! إنكم قد علمتم بأن محمد بن عبد الله قد كان جعلني على صدقاتكم قبل موته، (2) وقد هلك محمد ومضى لسبيله، ولابد لهذا الأمر من قائم يقوم به، فلا تطمعوا أحدا في مالكم فأنتم أحق بها من غيركم. قال: فلامه بعض قومه على ذلك وحمده بعضهم وسدد له رأيه بما قال (3)، فلما بلغ كلامه أبا بكر والمسلمين فازدادوا عليه حنقا وغيظا، وأما خالد بن الوليد فإنه حلف وعاهد الله عز وجل لئن قدر عليه ليقتلنه وليجعلن رأسه أثفية للقدور.
قال: ثم ضرب خالد عسكره بأرض بني تميم، وبث السرايا في البلاد يمنة ويسرة. قال: فوقعت سرية من تلك السرايا على مالك بن نويرة فإذا هون في حائط له ومعه امرأته وجماعة من بني عمه، (4) قال: فلم يرع مالك إلا والخيل قد أحدقت به فأخذوه أسيرا وأخذوا امرأته معه وكانت بها مسحة من جمال. قال: وأخذوا كل من كان من بني عمه فأتوا بهم إلى خالد بن الوليد حتى أوقفوا بين يديه. قال: فأمر خالد بضرب أعناق بني عمه بديا. قال: فقال القوم: إنا مسلمون فعلى ماذا تأمر بقتلنا؟ قال خالد: والله! لأقتلنكم، فقال له شيخ منهم: أليس قد نهاكم أبو بكر أن تقتلوا من صلى للقبلة؟ فقال خالد بلى قد أمرنا بذلك ولكنكم لم تصلوا ساعة قط، قال: فوثب أبو قتادة (5) إلى خالد بن الوليد فقال: أشهد أنك لا سبيل لك