أدرك طاوس جماعة من الصحابة وروى عنهم، وكان أحد الأئمة الاعلام، قد جمع العبادة والزهادة، والعلم النافع، والعمل الصالح، وقد أدرك خمسين من الصحابة، وأكثر روايته عن ابن عباس، وروى عنه خلق من التابعين وأعلامهم، منهم مجاهد وعطاء وعمرو بن دينار، وإبراهيم ابن ميسرة، وأبو الزبير ومحمد بن المنكدر، والزهري وحبيب بن أبي ثابت، وليث بن أبي سليم، والضحاك بن مزاحم. وعبد الملك بن ميسرة، وعبد الكريم بن المخارق ووهب بن منبه، والمغيرة ابن حكيم الصنعاني، وعبد الله بن طاوس، وغير هؤلاء.
توفى طاوس بمكة حاجا، وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك، ودفن بها رحمه الله تعالى.
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق قال: قال أبي: مات طاوس بمكة فلم يصلوا عليه حتى بعث هشام ابنه بالحرس، قال فلقد رأيت عبد الله بن الحسن واضعا السرير على كاهله، قال: ولقد سقطت قلنسوة كانت عليه ومزق رداؤه من خلفه - يعني من كثرة الزحام - فكيف لا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الايمان يمان " وقد خرج من اليمن خلق من هؤلاء المشار إليهم في هذا وغيره، منهم أبو مسلم، وأبو إدريس، ووهب وكعب وطاوس وغير هؤلاء كثير. وروى ضمرة عن ابن شوذب قال: شهدت جنازة طاوس بمكة سنة خمس (1) ومائة، فجعلوا يقولون: رحم الله أبا عبد الرحمن، حج أربعين حجة.
وقال عبد الرزاق: حدثنا أبي قال: توفي طاوس بالمزدلفة - أو بمنى - حاجا، فلما حمل أخذ عبد الله بن الحسن بن علي بقائمة سريره. فما زايله حتى بلغ القبر. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق قال: قدم طاوس بمكة، فقدم أمير المؤمنين، فقيل لطاوس: إن من فضله ومن، ومن، فلو أتيته قال: مالي إليه حاجة، فقالوا: إنا نخاف عليك، قال: فما هو إذا كما تقولون:
وقال ابن جرير (1): قال لي عطاء: جاءني طاوس فقال لي: يا عطاء إياك أن ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه، وجعل دونه حجابه. وعليك بطلب من بابه لك مفتوح إلى يوم القيامة، طلب منك أن تدعوه ووعدك الإجابة. وقال ابن جريج عن مجاهد عن طاوس (أولئك ينادون من مكان بعيد) [فصلت: 44] قال: بعيد من قلوبهم، وروى الا حجري عن سفيان، عن ليث قال:
قال لي طاوس: ما تعلمت من العلم فتعلمه لنفسك، فإن الأمانة والصدق قد ذهبا من الناس.
وقال عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن الصلت بن راشد. قال: كنا عند طاوس فجاءه مسلم (2) بن قتيبة بن مسلم، صاحب خراسان، فسأله عن شئ فانتهره طاوس، فقلت:
هذا مسلم (3) بن قتيبة بن مسلم صاحب خراسان، قال: ذاك أهون له علي. وقال لطاوس: إن منزلك قد استرم، فقال: أمسينا.