وقال أحمد: حدثنا ابن نمير قال: قال الأعمش: كنت إذا رأيت مجاهدا ظننت أنه حر مندح (1) قد ضل حمارة فهو مهتم. وعن ليث عن مجاهد قال: من أكرم نفسه وأعزها أذل دينه، ومن أذل نفسه أعز دينه. وقال شعبة عن الحكم عن مجاهد قال: قال لي: يا أبا الغازي كم لبث نوح في الأرض قال: قلت ألف سنة إلا خمسين عاما، قال: فإن الناس لم يزدادوا في أعمارهم وأجسادهم وأخلاقهم إلا نقصا. وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي علية عن ليث عن مجاهد قال: ذهبت العلماء فما بقي إلا المتعلمون، وما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم. وروى ابن أبي شيبة أيضا عن ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد قال: لو لم يصب المسلم من أخيه إلا أن حياء منه يمنعه من المعاصي لكان في ذلك خير. وقال: الفقيه من يخاف الله وإن قل علمه، والجاهل من عصى الله وإن كثر علمه. وقال: إن العبد إذا أقبل على الله بقلبه أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه في قوله تعالى:
(وثيابك فطهر) [المدثر: 4] قال: عملك فأصلح. (واسألوا الله من فضله) [النساء:
31] قال: ليس من عرض الدنيا (والذي جاء بالصدق وصدق به) [الزمر: 33] قال هم الذين يجيئون بالقرآن قد اتبعوه وعملوا بما فيه. وقال: يقول القرآن للعبد إني معك ما اتبعتني، فإذا لم تعمل بي اتبعتك. (ولا تنس نصيبك من الدنيا) [القصص: 77] قال: خذ من دنياك لآخرتك، وذلك أن تعمل فيها بطاعة الله عز وجل. وقال داود بن المحبر، عن عباد بن كثير، عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه مجاهد بن جبير قال: قلت لابن عمر: أي حجاج بيت الله أفضل وأعظم أجرا؟ قال: من جمع ثلاث خصال، نية صادقة، وعقلا وافرا، ونفقة من حلال، فذكرت ذلك لابن عباس فقال: صدق فقلت: إذا صدقت نيته وكانت نفقته من حلال فماذا يضره قلة عقله؟ فقال: يا أبا حجاج، سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " والذي نفسي بيده ما أطاع العبد الله بشئ أفضل من حسن العقل، ولا يقبل الله الصوم عبد ولا صلاته، ولا شيئا مما يكون من عمله من أنواع الخير إن لم يعمل بعقل. ولو أن جاهلا فاق المجتهدين في العبادة، كان ما يفسد أكثر مما يصلح ". قلت: ذكر العقل في هذا الحديث ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من المنكرات والموضوعات، والثلاث الخصال موقوفة على ابن عمر، من قوله من جمع ثلاث خصال، إلى قوله:
قال ابن عباس صدق، والباقي لا يصح رفعه ولا وقفه، وداود بن المحبر كنيته أبو سليمان، قال الحاكم: حدث ببغداد عن جماعة من الثقات بأحاديث موضوعة، حدث بها عنه الحارث بن أبي أسامة، وله كتاب العقل، وأكثر ما أودع ذلك الكتاب موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر العقل مرفوعا في هذه الرواية لعله من جملتها، والله أعلم. وقد كذبه أحمد بن حنبل.