هذيل يزعم أن قرآنه من عند الله، والله ما هي إلا أرجز من رجز الاعراب ما أنزلها الله على نبيه (صلى الله عليه وسلم)، وعذيري من هذه الحمراء، يزعم أحدهم يرمي بالحجر فيقول لي إن تقع الحجر حدث أمر، فوالله لأدعنهم كالأمس الدابر. قال: فذكرته للأعمش فقال: وأنا والله سمعته منه. ورواه أبو بكر بن أبي خيثمة عن محمد بن يزيد، عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود والأعمش أنهما سمعا الحجاج فبحه الله يقول ذلك، وفيه والله ولو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا الباب لحلت لي دماؤكم، ولا أجد أحدا يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير. ورواه غير واحد عن أبي بكر بن عياش بنحوه، وفي بعض الروايات: والله لو أدركت عبد هذيل لأضربن عنقه. وهذا من جراءة الحجاج قبحه الله، وإقدامه على الكلام السئ، والدماء الحرام. وإنما نقم على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه لكونه خالف القراءة على المصحف الامام الذي جمع الناس عليه عثمان، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه والله أعلم.
وقال علي بن عبد الله بن مبشر، عن عباس الدوري، عن مسلم بن إبراهيم: ثنا الصلت بن دينار سمعت الحجاج على منبر واسط يقول: عبد الله بن مسعود رأس المنافقين، لو أدركته لأسقيت الأرض من دمه. قال وسمعته على منبر واسط وتلا هذه الآية (هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) [ص: 35] قال: والله ان كان سليمان لحسودا. وهذه جراءة عظيمة تفضي به إلى الكفر: قبحه الله وأخزاه، وأبعده وأقصاه.
قال أبو نعيم: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة. قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني جئتك من عند رجل يملي المصاحف عن ظهر قلب، ففزع عمر وغضب وقال: ويحك، انظر ما تقول. قال: ما جئتك إلا بالحق، قال: من هو؟ قال عبد الله بن مسعود. قال: ما أعلم أحدا أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك. " إنا سهرنا ليلة في بيت عند أبي بكر في بعض ما يكون من حاجة النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم خرجنا ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يمشي بيني وبين أبي بكر، فلما انتهينا إلى المسجد إذا رجل يقرأ فقام النبي (صلى الله عليه وسلم) يستمع إليه، فقلت: يا رسول الله اعتمت، فغمزني بيده - يعني اسكت - قال: فقرأ وركع وسجد وجلس يدعو ويستغفر، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): سل نفطه ثم قال: من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد، فعلمت أنا وصاحبي أنه عبد الله بن مسعود، فلما أصبحت غدوت إليه لا بشره فقال: سبقك بها أبو بكر، وما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه " وهذا الحديث قد روي من طرق، فرواه حبيب بن حسان عن زيد بن وهب عن عمر مثله، ورواه شعبة وزهير وخديج عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله، ورواه عاصم عن عبد الله، ورواه الثوري وزائدة عن الأعمش نحوه. وقال أبو داود: حدثنا عمر بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن حمير بن مالك قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: " أخذت من في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لصبي مع الصبيان، فأنا لا أدع ما أخذت من في رسول الله