يستبد أحدهما دون الآخر بشيء فاتفقا على أن يسلم قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيري لأنه عدوه ويترك الخليفة عنده فأرسل قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيري فلما رآه قال مرحبا بمهلك الدول ومخرب البلاد فقال العفو عند المقدرة فقال البساسيري قد قدرت فما عفوت أنت صاحب طيلسان وركبت الأفعال الشنيعة مع حرمي وأطفالي فكيف أعفو أنا وأنا صاحب سيف؟
وأما الخليفة فإنه حمله قريش راكبا إلى معسكره وعليها السواد والبردة وبيده السيف وعلى رأسه اللواء وأنزله في خيمة وأخذ أرسلان خاتون زوجة الخليفة وهي ابنة أخي السلطان طغرلبك فسلمها إلي أبي عبد الله بن جردة ليقوم بخدمتها.
ونهب دار الخلافة وحريمها أياما وسلم قريش الخليفة إلى ابن عمه مهارش بن المجلي وهو رجل فيه دين وله مروءة فحمله في هودج وسار به إلى حديثة عانة فتركه بها وسار من كان مع الخليفة من خدمه وأصحابه إلى السلطان طغرلبك مستنفرين.
فلما وصل الخليفة إلى الأنبار شكا البرد فأنفذ إلى مقدمها يطلب منه ما يلبسه فأرسل له جبة فيها قطن ولحافا.
وأما البساسيري فإنه ركب يوم عيد النحر وعبر إلى المصلى بالجانب الشرقي وعلى رأسه الألوية المصرية فأحسن إلى الناس وأجرى الجرايات على المتفقهة ولم يتعصب لمذهب، وأفرد لوالدة الخليفة القائم بأمر الله دارا وكانت قد قاربت تسعين سنة، وأعطاها جاريتين من جواريها للخدمة، وأجرى