أبو علي ومنصور فخرج منصور إلى الحصباء ولحق به من سلم منهم.
وكان كوكتاش قد فارق الموصل في جمع كثير فأرسلوا إليه يعلمونه الحال فعاد إليهم ودخل البلد عنوة في الخامس والعشرين من رجب سنة خمس وثلاثين [وأربعمائة] ووضعوا السيف في أهله أسروا كثيرا ونهبوا الأموال وأقاموا على ذلك اثني عشر يوما يقتلون وينهبون وسلمت سكة أبي نجيح فإن أهلها أحسنوا إلى الأمير منصور فرعى لهم ذلك والتجأ من سلم إليها وبقي القتلى في الطريق فأنتنوا لعدم من يواريهم ثم طرحوا بعد ذلك كل جماعة في حفيرة وكانوا يخطبون للخليفة ثم لطغرلبك.
لما طال مقامهم لهذه البلاد وجرى منهم ما ذكرناه كتب الملك جلال الدولة بن بويه إلى طغرلبك يعرفه ما يجري منهم وكتب اليه نصر الدولة بن مروان يشكو منهم فكتب إلى نصر الدولة يقول له بلغني أن عبيدنا قصدوا بلادك وأنك صانعتهم بمال بذلته لهم وأنت صاحب ثغر ينبغي أن تعطى ما تستعين به على قتال الكفار ويعده أنه يرسل إليهم يرحلهم من بلده.
وكانوا يقصدون بلاد الأرمن وينهبون ويسبون حتى أن الجارية الحسناء بلغت قيمتها خمسة دنانير وأما الغلمان فلا يرادون وكتب طغرلبك إلى جلال الدولة يعتذر بأن هؤلاء التركمان كانوا لنا عبيدا وخدما ورعايا وتبعا يمتثلون الأمر ويخدمون الباب ولما نهضنا لتدبير خطب آل محمود بن سبكتكين وانتدبنا لكفاية أمر خوارزم انحازوا إلى الري فعاثوا فيها وأفسدوا فزحفنا بجنودنا من خراسان إليهم مقدرين أنهم يلجؤون إلى الأمان ويلوذون بالعفو الغفران فملكتهم الهيبة وزحزحتهم الحشمة ولا بد من أن نردهم إلى راياتنا خاضعين ونذيقهم من بأسنا جزاء المتمردين قربوا أم بعدوا أغاروا أم أنجدوا.