وأصلحت القلم وقلت هذا أوان الشد فاشتدي زيم وجعلت الفراغ أهم مطلب وإذا أراد الله أمرا هيأ له السبب وشرعت في إتمامه مسابقا ومن العجب ان السكيت يروم أن يجيء سابقا ونصبت نفسي غرضا للسهام وجعلتها مظنة لأقوال اللوام لأن المآخذ إذا كانت تتطرق إلى التصنيف المهذب والاستدراكات تتعلق بالمجموع المرتب الذي تكررت مطالعته وتنقيحه وأجيد تأليفه وتصحيحه فهي بغيره أولى وبه أحرى على أني مقر بالتقصير فلا أقول ان الغلط سهو جرى به القلم بل اعترف بان ما أجهل أكثر مما أعلم.
وقد سميته اسما يناسب معناه، وهو: الكامل في التاريخ.
ولقد رأيت جماعة ممن يدعي المعرفة والدراية ويظن بنفسه التبحر في العلم والرواية يحتقر التواريخ ويزدريها ويعرض عنها ويلغيها ظنا منه ان غاية فائدتها إنما هو القصص والأخبار ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللب نظره وأصبح مخشلبا جوهره ومن رزقه الله طبعا سليما وهداه صراطا مستقيما علم ان فوائدها كثيرة ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة وها نحن شيئا مما ظهر لنا فيها ونكل إلى قريحة الناظر فيه معرفة باقيها.
فأما فوائدها الدنيوية فمنها ان الإنسان لا يخفي أنه يحب البقاء ويؤثر أن يكون في زمرة الأحياء فياليت شعري أي فرق بين ما رآه أمس أو