قال فما استطاع داود بعدها أن يملأ عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض. ونقش خطيئته في يد فكان إذا رآها اضطربت يده وكان يؤتى بالشراب في الإناء ليشربه فكان يشرب نصفه أو ثلثيه فيذكر خطيئته فينتحب حتى تكاد مفاصله يزول بعضها من بعض ثم يملأ الإناء من دموعه وكان يقال إن دمعة داود تعدل دموع الخلائق وهو يجيء يوم القيامة وخطيئته مكتوبة بكفه فيقول يا رب ذنبي ذنبي قدمني فيقدم فلا يأمن فيقول يا رب أخرني فلا يأمن.
وأزالت الخطيئة طاعة داود عن بني إسرائيل واستخفوا بأمره ووثب عليه ابن يقال له إيشى وأمه ابنة طالوت فدعا إلى نفسه فكثر أتباعه من أهل الزيغ من بني إسرائيل فلما تاب الله على داود اجتمع إليه طائفة من الناس فحارب ابنه حتى هزمه ووجه إليه بعض قواده وأمره بالرفق به والتلطف لعله يأسره ولا يقتله وطلبه القائد وهو منهزم فاضطره إلى شجرة فقتله فحزن داود حزنا شديدا وتنكر لذلك القائد.
ذكر بناء بيت المقدس ووفاة داود عليه السلام قيل أصاب الناس في زمان داود طاعون جارف فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس وكان يرى الملائكة تعرج منه إلى السماء فلهذا قصده ليدعو فيه فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون فاستجاب له ورفع الطاعون فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا وكان الشروع في بنائه لإحدى عشرة سنة مضت من ملكه وتوفي قبل أن يستتم بناءه وأوصى إلى سليمان باتمامه وقتل القائد الذي قتل أخاه إيشى بن داود.