وقد سأله أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟ فقال: في غمام ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء وهو الغمام الذي ذكره الله في قوله: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام).
قلت فيه نظر لأنه قد تقدم أن أول ما خلق الله تعالى القلم وقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة ثم ذكر في أول هذا الفصل أن الله خلق بعد القلم وبعد أن جرى بما هو كائن سحابا ومن المعلوم أن الكتابة لا بد فيها من آلة يكتب بها وهو القلم ومن شيء يكتب فيه وهو الذي يعبر عنه ههنا باللوح المحفوظ وكان ينبغي أن يذكر اللوح المحفوظ ثانيا للقلم والله أعلم ويحتمل أن يكون ترك ذكره لأنه معلوم من مفهوم اللفظ بطريق الملازمة.
ثم اختلف العلماء فيمن خلق الله بعد الغمام فروى الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أول ما خلق الله العرش فاستوى عليه. وقال آخرون: خلق الله قبل العرش وخلق فوضعه على الماء وهو قول أبي صالح عن ابن عباس وقول ابن مسعود ووهب بن منبه.
وقد قيل إن الذي خلق الله تعالى بعد القلم الكرسي ثم العرش ثم الهواء ثم الظلمات ثم الماء فوضع العرش عليه.
قال: وقول من قال: إن الماء خلق قبل العرش أولى بالصواب لحديث أبي رزين عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قيل إن الماء كان على متن الريح حين خلق العرش؛ قاله سعيد بن جبير عن ابن عباس فإن كان كذلك