ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة وجعله عقلا ثانيا وتعظيما له وإلا فهو زيادة في عقله الأول.
ومنها ما يتجمل به الانسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها ونقل طريفة من طرائفها فترى الاسماع مصغية اليه والوجوه مقبلة عليه: والقلوب متأملة ما يورده ويصدره مستحسنة ما يذكره.
وأما الفوائد الأخروية فمنها ان العاقل اللبيب إذا تفكر فيها ورأى تقلب الدنيا باهلها وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها وأنها سلبت نفوسهم وذخائرهم وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم فلم تبق على جليل ولا حقير ولم يسلم من نكدها غني ولا فقير زهد فيها وأعرض عنها وأقبل على التزود للآخرة منها ورغب في دار تنزهت عن هذه الخصائص وسلم أهلها من هذه النقائص ولعل قائلا يقول ما نرى ناظرا فيها زهد في الدنيا وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا فياليت شعري كم رأى هذا القائل قارئا للقرآن العزيز وهو سيد المواعظ وافصح الكلام يطلب به اليسير من هذا الحطام فإن القلوب مولعة بحب العاجل.
ومنها التخلق بالصبر والتأسي وهما من محاسن الأخلاق فإن العاقل إذا رأى ان مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرم ولا ملك معظم بل ولا أحد من البشر علم أنه يصيبه ما أصابهم وينوبه ما نابهم. شعرا:
(وهل أنا إلا من غزية إن غوت * غويت وأن ترشد غزية أرشد)