وهكذا ذكر أبو جعفر ها هنا أن الحارث بن عمرو قتل النعمان بن امرئ القيس وأخذ بلاده وانقرض ملك أهل بيته وذكر فيما تقدم أن المنذر بن النعمان أو النعمان على الاختلاف المذكور هو الذي جمع العساكر وملك بهرام جور على الفرس ثم ساق فيما بعد ملوك الحيرة من أولاد النعمان هذا إلى آخرهم ولم يقطع ملكهم بالحارث بن عمرو، وسبب هذا أن أخبار العرب لم تكن مضبوطة على الحقيقة فقال كل واحد ما نقل إليه من غير تحقيق وقيل غير ذلك وسنذكره في مقتل حجر بن عمرو والد امرئ القيس في أيام العرب إن شاء الله.
والصحيح أن ملوك كندة عمرو والحارث كانوا بنجد على العرب وأما اللخميون ملوك الحيرة المناذرة فلم يزالوا عليها إلى أن ملك قباذ الفرس وأزالهم واستعمل الحارث بن عمرو الكندي على الحيرة ثم أعاد أنوشروان الحيرة إلى اللخميين على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر ملك بلاش بن فيروز بن يزدجرد ثم ملك بعد فيروز ابنه بلاش وجرى بينه وبين أخيه قباذ منازعة استظهر فيها قباذ وملك فلما ملك بلاش أكرم سوخرا وأحسن إليه لما كان منه ولم يزل حسن السيرة حريصا على العمارة وكان لا يبلغه أن بيتا خرب وجلا أهله إلا عاقب صاحب تلك القرية على تركه سد فاقتهم حتى لا يضطروا إلى مفارقة أوطانهم وبنى مدينة ساباط بقرب المدائن وكان ملكه أربع سنين.