رواطا وعبدسي وهذه الأنهار الثلاثة تؤدى إلى ثلاث طرق مفترقة فأخذ نصير في طريق نهر براطق وهو النهر المؤدى إلى مدينة سليمان بن موسى الشعراني التي سماها المنيعة بسوق الخميس وأقام أبو العباس على فوهة هذا النهر وغاب عنه نصير حتى خفى عنه خبره وخرج علينا في ذلك الموضع من الزنج خلق كثير فمنعونا من دخول النهر وحالوا بيننا وبين الانتهاء إلى السور وبين هذا الموضع الذي انتهينا إليه والسور المحيط بمدينة الشعراني مقدار فرسخين فأقاموا هناك يحاربوننا واشتدت الحرب بيننا وبينهم وهم على الأرض ونحن في السفن من أول النهار إلى وقت الظهر وخفى علينا خبر نصير وجعل الزنج يهتفون بنا قد أخذنا نصيرا فماذا تصنعون ونحن تابعوكم حيثما ذهبتم فاغتم أبو العباس لما سمع منهم هذا القول فاستأذنه محمد بن شعيب في المسير ليتعرف خبر نصير فأذن له فمضى في سميرية بعشرين جذافا حتى وافى نصيرا أبا حمزة وقد قرب من سكر كان الفسقة سكروه ووجدوه قد أضرم النار فيه وفى مدينتهم وحارب حربا شديدا ورزق الظفر بهم وكان الزنج ظفروا ببعض شذوات أبى حمزة فقاتل حتى انتزع ما كانوا أخذوا من أيديهم فرجع محمد ابن شعيب إلى أبى العباس فبشره بسلامة نصير ومن معه وأخبره خبره فسر بذلك وأسر نصير يومئذ من الزنج جماعة كثيرة ورجع حتى وافى أبا العباس بالموضع الذي كان واقفا به فلما رجع نصير قال أبو العباس لست زائلا عن موضعي هذا حتى أراوحهم القتال في عشى هذا اليوم ففعل ذلك وأمر بإظهار شذاة واحدة من الشذوات التي كانت معه لهم وأخفى باقيها عنهم فطمعوا في الشذاة التي رأوها فتبعوها وجعل من كان فيها يسيرون سيرا ضعيفا حتى أدركوها فعلقوا بسكانها وجعل الملاحون يسيرون حتى وافوا المكان الذي كانت فيه الشذوات المكمنة وقد كان أبو العباس ركب سميرية وجعل الشذا خلفه فسار نحو الشذاة التي علق بها الزنج لما أبصرها فأدركها والزنج ممسكون بسكانها يحيطون بها من جوانبها يرمون بالنشاب والآجر وعلى أبى العباس كيز تحته درع قال محمد فنزعنا يومئذ من كيز أبى العباس خمسا وعشرين نشابة ونزعت من لبادة كانت على أربعين
(٦١)