أحد منهم حتى وافوا طهيثا وأسلموا ما كان معهم من أثاث وآلة ورجع أبو العباس وأقام بمعسكره في العمر وأمر بإصلاح ما أخذ منهم من الشذا والسميريات وترتيب الرجال فيها وأقام الزنج بعد ذلك عشرين يوما لا يظهر منهم أحد وكان الجبائي يجئ في الطلائع في كل ثلاثة أيام وينصرف وحفر آبارا فوق نهر سنداد وصير فيها سفافيد حديد وغشاها بالبواري وأخفى مواضعها وجعلها على سنن مسير الخيل ليتهور فيها المجتازون بها وكان يوافي طرف العسكر متعرضا لأهله فتخرج الخيل طالبة له فجاء في بعض أيامه وطلبته الخيل كما كانت تطلبه فقطر فرس رجل من قواد الفراغنة في بعض تلك الآبار فوقف أصحاب أبي العباس بما ناله من ذلك على ما دبر الجبائي فحذروا ذلك وتنكبوا سلوك ذلك الطريق وألح الزنج في مغاداة العسكر في كل يوم للحرب وعسكروا بنهر الأمير في جمع كثير فلما لم يجد ذلك عليهم أمسكوا عن الحرب قدر شهر وكتب سليمان إلى صاحب الزنج يسأله إمداده بسميريات لكل واحدة منهن أربعون مجذافا فوافاه من ذلك في مقدار عشرين يوما أربعون سميرية في كل سميرية مقاتلان ومع ملاحيها السيوف والرماح والتراس وجعل الجبائي موقفه حيال عسكر أبى العباس وعاودا التعرض للحرب في كل يوم فإذا خرج إليهم أصحاب أبي العباس انهزموا عنهم ولم يثبتوا لهم وخلال ذلك ما تأتى طلائعهم فتقطع القناطر وترمى ما ظهر لها من الخيل بالنشاب وتضرم ما وجدت في النوبة مع المراكب التي مع نصير بالنار فكانوا كذلك قدر شهرين ثم رأى أبو العباس أن يكمن لهم كمينا في قرية الرمل ففعل ذلك وقدم لهم سميريات أمام الجيش ليطمعوا فيها وأمر أبو العباس فأعدت له سميرية ولزيرك سميرية وحمل جماعة من غلمانه الذين اختارهم وعرفهم بالنجدة في السميريات فحمل بدرا ومؤنسا في سميرية ورشيقا الحجاجي ويمنا في سميرية وخفيفا ويسرا في سميرية ونذيرا ووصيفا في سميرية وأعد خمس عشرة سميرية وجعل في كل سميرية مقاتلين وجعلها امام الجيش قال محمد بن شعيب الاشتيام وكنت فيمن تقدم يومئذ فأخذ الزنج من السميريات المتقدمة عدة وأسروا أسرى فانطلقت مسرعا فناديت بصوت
(٥٧)