وحينئذ فلا محيص عما عليه الأصحاب من ضمان مطلق الذهب والفضة، بل الظاهر كونهما كذلك سواء كان معهما غيرهما، أو لا، مزجا أو غيره، {إلا أن يشترط سقوط الضمان} فيسقط حينئذ للأصل، والاقتصار في الخروج عن عموم عدم الضمان على المتيقن الذي لم يشترط فيه ذلك، وعموم (1) " المؤمنون " وخصوص صحيح زارة (2) المتقدم القاطع للشك في ذلك.
نعم قد يشك في اعتبار الشرط المزبور في الضمان بالتعدي والتفريط في ابتداء عقد العارية باعتبار أنه اسقاط للواجب قبل وجوبه، ومنافاته لاطلاق ما دل على تسبيبهما ذلك، مع أنه لا يخلو من قوة، لأنه في قوة الإذن في الاتلاف، وللشك في السببية معه، والأصل براءة الذمة.
أما ما قيل - من عدم اعتباره أيضا في عارية مال الغير، وفي عارية المحل للصيد للمحرم، - ففيه ما عرفت، من عدم كونهما عاريتين صحيحتين، على أن الثانية منهما إن أريد بعدم اعتبار الشرط فيها بالنسبة إلى الفداء، فهو حق، لعدم كون ضمانه بالعارية، بل هو شبه الحكم الشرعي، وإن أريد به بالنسبة إلى الغرامة للمالك، فالظاهر اتيان البحث السابق فيه.
ومما ذكرنا يعلم أنه لا وجه لذكر هذين القسمين في العارية المضمونة، ضرورة معلومية إرادة القسم الصحيح منها، ومن هنا تركهما المصنف، واقتصر على ما عرفت. كما أنه لا وجه لعد العارية من المحرم للمحل من قسم العارية التي لا تضمن، حتى إذا اشترط فيها الضمان، إذ قد عرفت أنها ليست عارية، وأن المستعير يملكه، لعدم ملك المحرم له. نعم لم يذكر المصنف عارية الرهن، ولعله للاكتفاء بما ذكره في الرهن، أو أنه ليس من العارية عنده، كما أشبعنا الكلام فيه في كتاب الرهن، وبذلك ظهر لك