والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء " وحينئذ يكون دالا على أن لصاحب الأرض المغصوبة تملك ما زرعه الغاصب فيها وغرسه، كما عن أبي علي رحمه الله.
ولا ريب في منافاته حينئذ لأصول المذهب وقواعده، ويأتي إن شاء الله تمام الكلام في ذلك في كتاب الغصب. ولكن لا كلام هنا في ترجيح جانب المعير على حسب ما عرفت والله العالم.
إنما الكلام في أمرين أحدهما: عدم التسلط على الإزالة إلا بعد دفع الأرش ولعله الظاهر من قول المصنف {وليس له المطالبة بالإزالة من دون الأرش} بل جزم به في المسالك وظاهره الاجماع عليه، قال: " لا تجب إجابته إلى القلع قبل دفعه وإن بذله لاحتمال تعذر الرجوع عليه بافلاس أو غيبة ونحوهما، فيضيع حق المستعير ويلزم الضرر، بخلاف ما لو دفع أولا، فإن غايته أن يهرب المستعير أو يتعذر مباشرته للقلع، فيباشره المعير بإذن الحاكم مع امكانه، أو لا معه مع تعذره، وتعذر إذن المالك، فلا يحصل الضرر، ثم قال: لكن هذا الدفع نوع من المعاوضة، ومن شأنها أنهما مع الاختلاف يجبران على التقابض معا من غير أن يسبق أحدهما الآخر، وإنما حكم هنا بسبق دفع الأرش، لأن المعية غير ممكنة، وفي بسط الدفع على الأجزاء حرج وعسر، والضرر عن الدافع مندفع، بخلاف العكس، فلذلك حكموا بتقدمه ".
قلت يمكن إرادة المصنف عدم السلطنة له على المطالبة بإزالته مجانا، وليس هو بصدد سبق الدفع وتأخره ومقارنته، ضرورة كون ذلك من الأحكام لا المعاوضات، بمعنى تسلط المعير على طلب الإزالة من المستعير، وعليه الأرش، فلكل منهما حق على الآخر لا مدخلية له فيه، وعصيان أحدهما فيه لا يقتضي الجواز للآخر، وكلام المصنف وما شابهه إنما هو في عدم استحقاق الإزالة بدون استحقاق الأرش، لا بدون سبق دفع الأرش الذي لم يقم عليه دليل معتبر، بل لعل ظاهر الأدلة خلافه، والأمور الاعتبارية مع أنها غير تامة لا تصلح لأن تكون مدركا شرعيا والله العالم.
ثانيهما: أن المراد بالأرش على ما في المسالك هو تفاوت ما بين كونه منزوعا من