ومن ذلك يظهر لك ما في التذكرة والروضة والرياض وغيرها خصوصا الأخير منها، والإذن في الانتفاع بأعيان الصديق المفهوم من فحوى الإذن شرعا بالأكل من بيته مع التسليم ليس من العارية قطعا، وإنما هو من الإباحة الشرعية على حسب الحال في غيره من البيوت التي قد تضمنتها الآية (1) نعم قد يستفاد من ذلك التسامح في عقد العارية التي ثمرته إباحة المنفعة التي اكتفى فيها بشاهد الحال ونحوه كما أومى إليه الفاضل في التذكرة فلاحظ وتأمل.
وعلى كل حال فقد ذكر المصنف في تعريفها أنها عقد {ثمرته التبرع بالمنفعة} ويقرب منه ما وقع لغيره، ولكن قد ذكرنا غير مرة أن أكثر التعاريف للأصحاب في أكثر المعاملات يشبه التعاريف اللغوية التي يراد منها التمييز في الجملة لاتمام الاطراد والانعكاس.
فمن الغريب نقض طرد تعريف المصنف هنا بالسكنى والعمري والحبس والوصية بالمنفعة وأغرب منه التزام الجواب عن ذلك بأنها في معنى العارية، وإن كانت لازمة وغايته انقسام العارية إلى جائزة ولازمة كالإعارة للرهن، ضرورة كون هذه العقود في الاصطلاح متباينة مختلفة اللوازم والصيغ، فادخال بعضها في بعض بمجرد المشاركة في بعض الخواص اصطلاح مردود، هذا.
لكن في المسالك بعد أن ذكر ذلك قال: " ولو أضيف إلى ذلك قيد الجواز فقيل: ثمرته التبرع بالمنفعة مع بقاء الجواز ونحوه خرجت هذه العقود، وبقيت السكنى المطلقة، فإنه يجوز الرجوع فيها متى شاء السكنى كما سيأتي إن شاء الله، وقد يلتزم فيها بأنها عارية لتحقق المعنى فيها مطلقا، ولا يقدح الصيغة، لأن العارية لا تختص بلفظ، بل كل ما دل على تسويغ الانتفاع بالعين تبرعا والسكنى المطلقة تقتضي ذلك، ولكن تبقى العارية اللازمة خارجة، فيحتاج إدخالها إلى قيد آخر أو التزام جواز الرجوع فيها بالنسبة إلى المستعير وإن لم يؤثر بالنسبة إلى المرتهن، وتظهر الفائدة في وجوب السعي على الراهن وتحصيلها بما أمكن، ووجوب المبادرة