ونحوه، قلت: قد عبر عنه في نصوص الرهن بالاستهلاك والتضييع ونحو ذلك مما هو أمر وجودي أيضا، وإن تقوم بعض أفراده بالعدم، فلا يكفي حينئذ في إثباته بالأصل كما أشرنا إليه سابقا ولذا جعل المصنف وغيره من أمثلته {أن يطرحها فيما ليس بحرز} ويذهب عنها، ولم يبق مراعيا لها بعينه التي هي حرز أيضا، ولا ريب في أنه وجودي.
نعم قوله {أو يترك سقي الدابة أو علفها، أو} يترك {نشر الثوب} مثلا {الذي يفتقر إلى النشر} قد يتوهم منه ذلك، لكن المراد استهلاكه وتضبيعه بترك ذلك، لا أن مجرد عدم ذلك ولو لاكراه ونحوه تفريط منه، فيكون حينئذ وجوديا، ولعل الأمر في ذلك كله سهل بعد الاتفاق على عدم قبول دعوى المودع عليه بذلك من دون بينة، ولو لأنه أمين يصدق في دعوى عدم التفريط، أو لأن قوله موافق لأصالة البراءة من الضمان الذي هو غير محتاج إلى واسطة، بخلاف عدم نشر عدم نشر الثوب الذي هو واسطة في اثبات الضمان.
وكيف كان فهو سبب من أسباب الضمان بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، فلا تفاوت حينئذ بين التلف به أو بغيره كيد العدوان التي هو سبب فيه وإن تلف بآفة سماوية، وليس ذلك لانفساخ الوديعة، بل هي باقية، للأصل، وعدم المنافاة بذلك في الأثناء لها، نحو ما سمعته في مال المضاربة الذي قد تعدى فيه العامل، فإنه يقتضي الضمان وإن بقي العامل على مضاربته، وتسبيبه الضمان على هذا الوجه، إما للاجماع، أو للخيانة، أو للمكاتبة المزبورة أو لنصوص الرهن والمضاربة المشتملة على الضمان به وبالتعدي، من غير تقييد بالتلف في خصوص ما صدر منه من التفريط والتعدي، واختصاص المورد في بعض النصوص لا يقتضي تخصيص الوارد، إنما الكلام في اقتضاء ذلك الضمان منه، حتى لو كان الجهل باحتياج الوديعة لذلك أو نسيان أو اكراه أو نحو ذلك مما يكون الودعي معذورا فيه شرعا، وجهان وفي القواعد " ولو ضيع بالنسيان فالأقرب الضمان " كما عن التحرير والإيضاح