كما عن ابن الجنيد أقوال، أوسطها أوسطها، لأنها أمانة في يده ولم يكن قد أذن له المالك بتسليمها من غيره كما هو المفروض، فتبقى قاعدة احترام مال الغير بحالها.
وجواز الإجارة له أعم من جواز التسليم له، ضرورة عدم توقفه عليه، إذ يمكن استيفاء المنفعة، وهي في يد الأمين كما أن عقد الإجارة للأول لا يقتضي وجوب التسليم على المالك على وجه يرفع يده عنها ويجعلها أمانة عنده إذ ليس له بالعقد المزبور سوى التسلط على استيفاء المنفعة الذي لا ينافي بقاؤها في يد المالك، كما لو ركب الدابة وأراد مالكها استصحابها لحفظها أو جعلها أمانة عند غير المستأجر، فإذا آجرها المستأجر لغيره لم يتسلط بعقده على أزيد مما يتسلط عليه الأول.
نعم مباشرة العين التي من مقومات استيفاء المنفعة من العين كركوب الدابة وسكنى الدار مثلا لا تحتاج إلى استيذان من المالك وإن استلزم أمانة في الجملة أيضا لكونها من المنفعة التي ملكها بالعقد.
ومن ذلك يعرف الحال في الاستدلال للأول بأن التسليم من مقتضيات عقد الإجارة، فإذا جازت له جاز له لأن الإذن في الشئ إذن في لوازمه، فإن التسليم الذي هو مقتضاها ما كان من مقومات المنفعة المستحقة له بالعقد، لا كون العين أمانة عنده، وفي يده خاصة الذي محل البحث، ولعل المانع أراد الثاني، والمجوز أراد الأول فيكون النزاع لفظيا.
كما أن منه يعرف الجواب عن الاشكال، بأنه لو توقف التسليم على إذن المالك لم يجز الإجارة للمستأجر، لعدم القدرة على التسليم من غير حاجة إلى الجواب عنه بأنه يكفي في حصولها الإذن المتوقعة، فيكون حينئذ كالفضولي، ضرورة حصول القدرة على تسليم المنفعة من غير إذن مع بقاء العين في يده، وهو المعتبر في صحة العقد، لا التسليم على وجه تكون أمانة عند المستأجر الثاني، وهو الذي نقول بتوقفه على الإذن لمعلومية عدم جواز ايتمان الأمين غيره إلا بالإذن من المالك.