أم جعفر قطع نهر كرخايا وجعل سقي رستاق الفروسيج والكرخ من نهر الرفيل، وهذا نهر معروف مشهور، وقد أكثرت الشعراء من ذكره، والآن لا أثر له ولا يعرف البتة، قال الخطيب:
ويحمل من نهر عيسى بن علي نهر يقال له كرخايا تتفرع منه أنهار تدخل بغداد من موضع يقال له باب أبي قبيصة ويمر إلى قنطرة اليهود وقنطرة درب الحجارة وقنطرة البيمارستان وباب المحول وتتفرع منه أنهار الكرخ كلها، منها: نهر رزين يمر في سويقة أبي الورد إلى بركة زلزل ثم إلى طاق الحراني ثم يصب في الصراة أسفل من القنطرة الجديدة، ويتفرع من نهر رزين نهر يعبر بعبارة فيدخل إلى مدينة المنصور، وتتفرع من كرخايا أنهار عدة في سوق الكرخ لا أثر لها الآن البتة، منها: نهر الدجاج.
الكرخ: بالفتح ثم السكون، وخاء معجمة، وما أظنها عربية إنما هي نبطية، وهم يقولون: كرخت الماء وغيره من البقر والغنم إلى موضع كذا جمعته فيه في كل موضع، وكلها بالعراق، وأنا أرتب ما أضفت إليه على حروف المعجم حسب ما فعلناه في مواضع.
كرخ باجدا: قيل: هو كرخ سامرا، يذكر في موضعه، وقيل: كرخ باجدا وكرخ جدان واحد، والله أعلم.
كرخ البصرة: حدث أبو علي المحسن: قال القاسم بن علي بن محمد الكرخي وأخوه أبو أحمد وابناه جعفر ومحمد تقلدوا الدنيا لان القاسم تقلد كور الأهواز وتقلد مصر والشام وتقلد ديار ربيعة وتقلد ابنه جعفر كور الأهواز وتقلد فارس وكرمان وتقلد الثغور وأشياء أخر وتقلد أبو جعفر محمد بن القاسم الجبل وديوان السواد دفعات وقطعة من المشرق كبيرة وتقلد البصرة والأهواز مجموعة ثم تقلد عدة دواوين كبار جليلة بالحضرة ثم تقلد الوزارة للراضي ثم الوزارة للمتقي، وإذا أضيف إليهم من تقلد من وجوه أهلهم وكبارهم لم يخل بلد جليل من أن يكون واحد منهم يقلده، وإنما سموا الكرخيين لان أصلهم من ناحية الرستاق الأعلى بالبصرة في عراض المفتح تعرف بالكرخ باقية إلى الآن إلا أنها كالخراب لشدة اختلالها، وقد تقلد البصرة غير واحد منهم وقطعا من الأهواز، تقلد البصرة أبو أحمد أخو القاسم الكرخي وتقلد مصر أيضا وتقلد قطعة من الأهواز في أيام السلطان. (1) أبو جعفر الكرخي المعروف بالجرو، وهذا الرجل مشهور بالجلالة فيهم قديما وكان مقيما بالبصرة، قال:
وشاهدته أنا وهو شيخ كبير وقد اختلت حاله فصار يلي الاعمال الصغار من قبل عمال البصرة، وكان أبو القاسم بن أبي عبد الله البريدي لما ملك البصرة صادره على مال أقرف به وسمر يديه في حائط وهو قائم على كرسي، فلما سمرت يداه بالمسامير في الحائط نحي الكرسي من تحته وسلت أظافيره وضرب لحمه بالقضيب الفارسي ولم يمت ولا زمن، قال: ورأيته أنا بعد ذلك بسنين صحيحا، ولا عيب لهم إلا ما كانوا يرمون به من الغلو،، فإن القاسم وولديه استفاض عنهم أنهم كانوا مخمسة يعتقدون أن عليا وفاطمة والحسن والحسين ومحمدا، صلى الله عليه وسلم، خمسة أشباح أنوار قديمة لم تزل ولا تزال، إلى غير ذلك من أقوال هذه النحلة، وهي مقالة مشهورة، وكان القاسم ابنه من أسمح من رأينا في الطعام وأشدهم حرصا على المكارم وقضاء الحاجات، وكان لابي جعفر محمد بن القاسم على ما بلغني في غير عمل تقلده وخرج إليه