أن القناة كانت تجري من مسيرة خمس ليال، وكانت ذات أشجار وعيون وقني وأنهار، ومن شيراز إلى السيرجان مدينة كرمان أربعة وستون فرسخا وهي خمسة وأربعون منبرا وكبار وصغار، وأما في أيامنا هذه فقصبتها وأشهر مدنها جواشير، ويقال كواشير، وهي بردسير، وأما فتحها فإن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ولى عثمان بن العاص البحرين فعبر البحر إلى أرض فارس ففتحها ولقي مرزبان كرمان في جزيرة بركاوان فقتله فوهى أمر أهل كرمان ونخبت قلوبهم، فلما سار ابن عامر إلى فارس في أيام عثمان بن عفان أنفذ مجاشع بن مسعود السلمي إلى كرمان في طلب يزدجرد، فهلك جيشه بميمند من مدن كرمان، وقيل من رساتيق فارس، ثم لما توجه ابن عامر إلى خراسان ولى مجاشعا كرمان ففتح ميمند واستبقى أهلها وأعطاهم أمانا بذلك، وله بها قصر يعرف بقصر مجاشع، ثم فتح مجاشع بروخروه ثم أتي السيرجان مدينة كرمان فتحصن أهلها منه ففتحها عنوة، وقد كان أبو موسى الأشعري وجه الربيع ابن زياد الحارثي ففتح ما حول السيرجان وصالح أهل بم والأندغان ثم نكث أهلها فافتتحها مجاشع بن مسعود وفتح جيرفت عنوة وسار في كرمان فدوخها وأتى القفص وقد اجتمع إليه خلق ممن جلا من الأعاجم فواقعهم وظفر عليهم فهربت جماعة من أهل كرمان فركبوا البحر ولحق بعضهم بسجستان ومكران فأقطعت العرب منازلهم وأرضيهم فعمروها وأدوا العشر فيها واحتفروا القني في مواضعها، فعند ذلك قال حمير السعدي:
أيا شجرات الكرم لا زال وابل * عليكن منهل الغمام مطير سقيتن ما دامت بنجد وشيجة، * ولا زال يسعى بينكن غدير ألا حبذا الماء الذي قابل الحمى * ومرتبع من أهلنا ومصير وأيامنا بالمالكية، إنني * لهن على العهد القديم ذكور ويا نخلات الكرخ لا زال ماطر * عليكن مستن السحاب درور سقيتن ما دامت بكرمان نخلة * عوامر تجري بينهن نهور * لقد كنت ذا قرب فأصبحت نازحا * بكرمان ملقى بينهن أدور وولى الحجاج قطن بن قبيصة بن مخارق بن عبد الله بن شداد بن معاوية بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال الهلالي فارس وكرمان، وهو الذي انتهى إلى نهر فلم يقدر أصحابه على عبوره فقال: من جازه فله ألف درهم، فجازوه فوفى لهم، وكان ذلك أول يوم سميت الجائزة جائزة، وقال الجحاف بن حكيم:
فدى للأكرمين بني هلال * على علاتهم أهلي ومالي هم سنوا الجوائز في معد * فصارت سنة أخرى الليالي رماحهم تزيد على ثمان * وعشر حين تختلف العوالي وكرمان أيضا: مدينة بين غزنة وبلاد الهند وهي من أعمال غزنة: بينهما أربعة أيام أو نحوها، وبنيسابور محلة يقال لها مربعة الكرمانية، ينسب إليها أبو يوسف يعقوب بن يوسف الكرماني النيسابوري الشيباني الفقيه