القاع ثم زبالة ثم شقوق ثم قبر العبادي ثم الثعلبية، وهي ثلث الطريق، قال أهل السير: كان روزبه ابن بزرجمهر بن ساسان من أهل همذان وكان من أهل كسرى على فرج من فروج الروم فأدخل عليهم سلاحا فأخافه الأكاسرة فلم يأمن حتى قدم سعد بن أبي وقاص ومصر الكوفة فقدم عليه وبنى له قصره والمسجد الجامع ثم كتب معه إلى عمر، رضي الله عنه، فأخبره بحاله فأسلم وفرض له عمر وأعطاه وصرفه إلى سعد فصرفه إلى أكريائه، والأكرياء يومئذ هم العباد أهل الحيرة حتى إذا كان بالمكان الذي يقال له قبر العبادي مات فحفروا له ثم انتظروا به من يمر بهم ممن يشهدون موته فمر بهم قوم من الأقراب وقد حفروا له على الطريق فأروهم إياه ليبرؤوا ومن دمه وأشهدوهم ذلك فغلب عليه قبر العبادي لمكان الأكرياء ظنوه منهم.
قبر النذور: مشهد بظاهر بغداد على نصف ميل من السور يزار وينذر له، قال التنوخي: كنت مع عضد الدولة وقد أراد الخروج إلى همذان فوقع نظره على البناء الذي على قبر النذور فقال لي: يا قاضي ما هذا البناء؟ قلت: أطال الله بقاء مولانا! هذا مشهد النذور، ولم أقل قبر لعلمي بتطيره من دون هذا، فاستحسن اللفظ وقال: قد علمت أنه قبر النذور وإنما أردت شرح أمره، فقلت له: هذا قبر عبيد الله بن محمد ابن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم، وكان بعض الخلفاء أراد قتله خفية فجعل هناك زبية وستر عليها وهو لا يعلم فوقع فيها وهيل عليه التراب حيا وشهر بالنذور لأنه لا يكاد ينذر له شئ إلا ويصح ويبلغ الناذر ما يريد، وأنا أحد من نذر له وصح مرارا لا أحصيها، فلم يقبل هذا القول وتكلم بما دل على أن هذا وقع اتفاقا، فتسوق العوام بأضعاف ذلك ويروون الأحاديث الباطلة، فأمسكت، فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني وذكر لي أنه جربه لامر عظيم ونذر له وصح نذره في قصة طويلة قبرس: بضم أوله، وسكون ثانيه ثم ضم الراء، وسين مهملة، كلمة رومية وافقت من العربية القبرس النحاس الجيد، عن أبي منصور: وهي جزيرة في بحر الروم وبأيديهم دورها مسيرة ستة عشر يوما، وذكر بطليموس في كتاب ملحمة الأرض قال: مدينة قبرس طولها إحدى وستون درجة وخمس عشرة دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاث عشرة دقيقة، في الاقليم الرابع، طالعها القوس، لها شركة في قلب العقرب أربع درج تحت إحدى عشرة درجة من السرطان وسبع وخمسين دقيقة، يقابلها إحدى عشرة درجة وسبع وخمسون دقيقة من الجدي، رابعها مثل ذلك من الميزان، بيت ملكها مثل ذلك من الحمل.
قبرة: بلفظ تأنيث القبر، أظنها عجمية رومية: وهي كورة من أعمال الأندلس تتصل بأعمال قرطبة من قبليها، وهي أرض زكية تشتمل على نواح كثيرة ورساتيق ومدن تذكر في مواضعها متفرقة من هذا الكتاب، وهي مخصوصة بكثرة الزيتون، وقصبتها بيانة، ينسب إليها تمام بن وهب القبري الأندلسي فقيه، لقي أبا محمد عبد الله بن أبي زيد بالقيروان وأبا الحسن القابسي وغيرهما، و عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله بن عباد بن زياد بن يزيد بن أبي يحيى المرادي القبري أصله من قبرة وسكن قرطبة، سمع من تقي بن مخلد كثيرا وصحبه وكان هو والحسن ابن سعد آخر من حدث عنه، وسمع من محمد بن عبد السلام الخشني وأحمد بن ميسرة الطرطوشي