عليه وسلم، وكان معه في بيوته، فلما توفي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صار مع فاطمة وولدها، رضي الله عنهم، قال أبو نيزر: جاءني علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وأنا أقوم بالضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام؟ فقلت: طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة، فقال: علي به، فقام إلى الربيع وهو جدول فغسل يديه ثم أصاب من ذلك شيئا ثم رجع إلى الربيع فغسل يديه بالرمل حتى أنقاهما ثم ضم يديه كل واحدة منهما إلى أختها وشرب منهما حسى من الربيع ثم قال: يا أبا نيزر إن الأكف أنظف الآنية، ثم مسح ندى ذلك الماء على بطنه وقال:
من أدخله بطنه النار فأبعده الله! ثم أخذ المعول وانحدر فجعل يضرب وأبطأ عليه الماء فخرج وقد تنضح جبينه عرقا فانتكف العرق من جبينه ثم أخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم فانثالت كأنها عنق جزور فخرج مسرعا وقال: أشهد الله أنها صدقة، علي بدواة وصحيفة، قال: فعجلت بهما إليه فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين، تصدق بالضيعتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي بهما وجهه حر النار يوم القيامة لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لاحد غيرهما، قال أبو محلم محمد بن هشام: فركب الحسين دين فحمل إليه معاوية بعين أبي نيزر مائتي ألف دينار فأبى أن يبيع وقال: إنما تصدق بهما أبي ليقي الله وجهه حر النار ولست بائعهما بشئ. وقد ذكرت هذه القصة في البغيبغة وهو كاف فلا يكتب ههنا.
عين أنا: ويروى عينونا، وقد ذكرت بعد هذا، ومن قال بهذا قال: أنا واد بين الصلا ومدين وهو على الساحل، وقال السكري: هي قرية يطؤها طريق المصريين إذا حجوا، وأنا: واد، وروي قول كثير:
يجتزن أودية البضيع جوازعا * أجواز عين أنا فنعف قبال وغيره يروي عينونا.
عين البقر: قرب عكا تزار، يزورها المسلمون والنصارى واليهود ويقولون: إن البقر الذي ظهر لآدم فحرث عليه منها خرج، وعلى هذه العين مشهد ينسب إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فيه حكاية غريبة.
عين تاب: قلعة حصينة ورستاق بين حلب وأنطاكية وكانت تعرف بدلوك ودلوك رستاقها، وهي الآن من أعمال حلب.
عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربي الكوفة بقربها موضع يقال له شفاثا، منهما يجلب القسب والتمر إلى سائر البلاد، وهو بها كثير جدا، وهي على طرف البرية، وهي قديمة افتتحها المسلمون في أيام أبي بكر على يد خالد بن الوليد في سنة 12 للهجرة، وكان فتحها عنوة فسبى نساءها وقتل رجالها، فمن ذلك السبي والدة محمد بن سيرين، وسيرين اسم أمه، وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، فيه يقول عبيد الله بن الحر الجعفي في وقعة كانت بينه وبين أصحاب مصعب:
ألا هل أتى الفتيان بالمصر أنني * أسرت بعين التمر أروع ماجدا