سقيا لصنعاء! لا أرى بلدا أوطنه الموطنون يشبهها خفضا ولينا، ولا كبهجتها، أرغد أرض عيشا وأرفهها يعرف صنعا من أقام بها أعذى بلاد عذا وأنزهها ما أنس لا أنس ما فجعت به يوما بنا إبلها تجهجهها فصاح بالبين ساجع لغب، وجاهرت بالشمات أمهها ضعضع ركني فراق ناعمة في ناعمات تصان أوجهها كأنها فضة مموهة أحسن تمويهها مموهها نفس ببين الأحباب والهة، وشحط ألافها يولهها نفى عزائي وهاج لي حزني، والنفس طوع الهوى ينفهها كم دون صنعاء سملقا جددا ينبو بمن رامها معوهها أرض بها العين والضباء معا فوضى مطافيلها وولهها كيف بها، كيف وهي نازحة، مشبه تيهها ومهمهها وبني أبرهة بصنعاء القليس وأخذ الناس بالحج إليه وبناه بناء عجيبا، وقد ذكر في موضعه، وقدم يزيد ابن عمرو بن الصعق صنعاء ورأى أهلها وما فيها من العجائب، فلما انصرف قيل له: كيف رأيت صنعاء؟
فقال:
ومن ير صنعاء الجنود وأهلها، وجنود حمير قاطنين وحميرا يعلم بأن العيش قسم بينهم، حلبوا الصفاء فأنهلوا ما كدرا ويرى مقامات عليها بهجة يأرجن هنديا ومسكا أذفرا ويروى عن مكحول أنه قال: أربع من مدن الجنة:
مكة والمدينة وإيلياء ودمشق، وأربع من مدن النار:
أنطاكية والطوانة وقسطنطينية وصنعاء، وقال أبو عبيد: وكان زياد بن منقذ العدوي نزل صنعاء فاستوبأها وكان منزله بنجد في وادي أشي فقال يتشوق بلاده:
لا حبذا أنت يا صنعاء من بلد، ولا شعوب هوى مني ولا نقم وحبذا حين تسمي الريح باردة وادي أشي وفتيان به هضم مخدمون كرام في مجالسهم، وفي الرحال إذا صحبتهم خدم الواسعون إذا ما جر غيرهم على العشيرة، والكافون ما جرموا ليست عليهم إذا يغدون أردية إلا جياد قسي النبع واللجم لم ألق بعدهم قوما فأخبرهم إلا يزيدهم حبا إلى هم يا ليت شعري عن جنبي مكشحة وحيث تبنى من الحناءة الأطم عن الإشاءة هل زالت مخارمها، وهل تغير من آرامها إرم؟