كانت موظفة لملك الفرس على ملك الروم، ودليل ذلك قائم في اسم المدينة لان سا اسم الإتاوة، ومرة اسم العدد، والمعنى أنه مكان قبض عدد جزية الروم، وقال الشعبي: وكان سام بن نوح له جمال ورواء ومنظر، وكان يصيف بالقرية التي ابتناها نوح، عليه السلام، عند خروجه من السفينة ببازبدى وسماها ثمانين، يشتو بأرض جوخى، وكان ممره من أرض جوخى إلى بازبدى على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي، ويسمى ذلك المكان الآن سام رآه يعنى طريق سام، وقال إبراهيم الجنيدي: سمعتهم يقولون إن سامراء بناها سام بن نوح، عليه السلام، ودعا أن لا يصيب أهلها سوء، فأراد السفاح أن يبنيها فبنى مدينة الأنبار بحذائها، وأراد المنصور بعدما أسس بغداد بناءها، وسمع في الرواية ببركة هذه المدينة فابتدأ بالبناء في البردان ثم بدا له وبنى بغداد وأراد الرشيد أيضا بناءها فبنى بحذائها قصرا وهو بإزاء أثر عظيم قديم كان للأكاسرة ثم بناها المعتصم ونزلها في سنة 221، وذكر محمد بن أحمد البشاري نكتة حسنة فيها قال: لما عمرت سامراء وكملت واتسق خيرها واحتفلت سميت سرور من رأى، ثم اختصرت فقيل سر من رأى، فلما خربت وتشوهت خلقتها واستوحشت سميت ساء من رأى، ثم اختصرت فقيل سامراء، وكان الرشيد حفر نهرا عندها سماه القاطول وأتى الجند وبنى عنده قصرا ثم بنى المعتصم أيضا هناك قصرا ووهبه لمولاه اشناس، فلما ضاقت بغداد عن عساكره وأراد استحداث مدينة كان هذا الموضع على خاطره فجاءه وبنى عنده سر من رأى، وقد حكى في سبب استحداثه سر من رأى أنه قال ابن عبدوس: في سنة 219 أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشترى بها بناحية سر من رأى موضعا يبنى فيه مدينة وقال له: إني أتخوف أن يصيح هؤلاء الحربية صحية فيقتلوا غلماني فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر حتى آتى عليهم، فقال له أبو الوزير: آخذ خمسة آلاف دينار وإن احتجت إلى زيادة استزدت، قال: فأخذت خمسة آلاف دينار وقصدت الموضع فابتعت ديرا كان في الموضع من النصارى بخمسة آلاف درهم وابتعت بستانا كان في جانبه بخمسة آلاف درهم ثم أحكمت الامر فيما احتجت إلى ابتياعه بشئ يسير فانحدرت فأتيته بالصكاك، فخرج إلى الموضع في آخر سنة 220 ونزل القاطول في المضارب ثم جعل يتقدم قليلا قليلا وينتقل من موضع إلى موضع حتى نزل الموضع وبدأ بالبناء فيه سنة 221، وكان لما ضاقت بغداد عن عسكره وكان إذا ركب يموت جماعة من الصبيان والعميان والضعفاء لازدحام الخيل وضغطها، فاجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا: إما أن تخرج من بغداد فإن الناس قد تأذوا بعسكرك أو نحاربك، فقال: كيف تحاربونني؟ قالوا: نحاربك بسهام السحر، قال: وما سهام السحر؟ قالوا:
ندعو عليك، فقال المعتصم: لا طاقة لي بذلك، وخرج من بغداد ونزل سامراء وسكنها وكان الخلفاء يسكنونها بعده إلى أن خربت إلا يسيرا منها، هذا كله قول السمعاني ولفظه، وقال أهل السير: إن جيوش المعتصم كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الأتراك سبعين ألفا فمدوا أيديهم إلى حرم الناس وسعوا فيها بالفساد، فاجتمع العامة ووقفوا للمعتصم وقالوا: يا أمير المؤمنين ما شئ أحب إلينا من مجاورتك لأنك الامام والحامي للدين وقد أفرط علينا أمر غلمانك وعمنا أذاهم فإما منعتهم عنا أو نقلتهم