الخيار، وأنك تحذرني أن أشق عصا المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر [126 ظ] فإنما أنا رجل منهم)، فقال: (يرحمك الله)، فخرج ابن عمر. وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فتشهد وأخذ في الكلام، فقطع عليه كلامه فقال: (إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله، وإنا والله لا نفعل، والله لتردن هذا الأمر شورى في المسلمين، أو لنفرنها عليك جذعة) ثم وثب فقام. فقال معاوية: (اللهم اكفنيه بم شئت)، ثم قال: (على رسلك أيها الرجل لا تشرفن بأهل الشام فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك حتى أخبر العشية أنك قد بايعت ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك).
ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: (يا بن الزبير إنما أنت ثعلب رواغ كلما خرج من جحر دخل آخر، وإنك عمدت إلى هذين الرجلين فنفخت في مناخرهما وحملتهما على غير رأيهما)، فتكلم ابن الزبير فقال: (إن كنت قد مللت الإمارة فاعتزلها، وهلم ابنك فلنبايعه، أ رأيت إذا بايعنا ابنك معك لأيكما نسمع؟
لأيكما نطيع؟ لا نجمع البيعة لكما والله أبدا. ثم قام.
فراح معاوية فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إنا وجدنا أحاديث الناس ذوات عوار، زعموا أن ابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر الصديق لم يبايعوا يزيد قد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له) فقال أهل الشام لا والله لا نرضى حتى يبايعوا على رؤوس الناس وإلا ضربنا أعناقهم، فقال: (مه سبحان الله ما أسرع الناس إلى قريش بالسوء، لا أسمع هذه المقالة من أحد بعد اليوم)، ثم نزل.
فقال الناس: بايع ابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر، ويقولون: لا والله ما بايعنا. ويقول الناس: بلى لقد بايعتم، وارتحل معاوية فلحق بالشام.
وحدثنا وهب قال: حدثني أبي عن أيوب عن نافع قال: خطب معاوية فذكر ابن عمر فقال: والله ليبايعن أو لأقتلنه، فخرج عبد الله بن عبد الله بن عمر إلى أبيه فأخبره، وسار إلى مكة ثلاثا، فلما أخبره بكى ابن عمر، فبلغ الخبر عبد الله بن صفوان [127 و] فد خل على ابن عمر فقال: أخطب هذا بكذا؟
قال: نعم. فقال: ما تريد؟ أ تريد قتاله؟ فقال: يا بن صفوان الصبر خير من ذلك. فقال ابن صفوان: والله لئن أراد ذلك لأقاتلنه. فقدم معاوية مكة، فنزل