الإذن فأذن لهم، فدخلوا، فتكلم معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (قد علمتم سيرتي فيكم وصلتي لأرحامكم وصفحي عنكم وحملي لما يكون منكم، ويزيد بن أمير المؤمنين أخوكم وابن عمكم وأحسن الناس فيكم رأيا، وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونون أنتم الذين تنزعون وتؤمرون، وتجبون وتقسمون، لا يدخل عليكم في شئ من ذلك)، فسكت القوم فقال:
(ألا تجيبوني؟ فسكتوا. فأقبل علي بن الزبير فقال: (هات يا بن الزبير، فإنك لعمري صاحب خطبة القوم. قال: نعم يا أمير المؤمنين نخيرك بين ثلاث خصال أيها ما أخذت فهو لك رغبة). قال: (لله أبوك أعرضهن). قال: (إن شئت صنعت ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شئت صنعت ما صنع أبو بكر فهو خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن شئت صنعت ما صنع عمر فهو خير هذه الأمة بعد أبي بكر). قال: (لله أبوك وما صنعوا؟) قال:
(قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعهد ولم يستخلف أحدا، فارتضى المسلمون أبا بكر، فإن شئت أن تدع هذا الأمر حتى يقضي الله فيه قضاءه فيختار المسلمون لأنفسهم) فقال: (إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر، إن أبا بكر كان رجلا تقطع دونه الأعناق، وإني لست آمن عليكم الاختلاف). قال: (صدقت والله ما تحب أن تدعنا [129 و] على هذه الأمة). قال (فاصنع ما صنع أبو بكر).
قال: (لله أبوك قال: وما صنع أبو بكر؟) قال: (عمد إلى رجل من قاصية قريش ليس من بني أبيه ولا من رهطه الأدنين فاستخلفه، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت ليس من بني عبد شمس فترضى به) قال: (لله بوك الثالثة ما هي؟) قال: (تصنع ما صنع عمر). قال: (وما صنع عمر؟) قال: (جعل هذا الأمر شورى في ستة نفر من قريش، ليس فيهم أحد من ولده ولا من بني أبيه ولا من رهطه). قال: (فهل عندك غير هذا)؟ قال: (لا). قال: (فأنتم؟) قالوا: ونحن أيضا). قال: (إما لا فإني أحببت أن أتقدم إليكم أنه قد أعذر من أنذر، وإنه قد كان يقوم منكم القائم إلي فيكذبني على رؤوس الناس، فأحتمل له ذلك وأصفح عنه. وإني قائم بمقالة إن صدقت فلي صدقي وإن كذبت فعلي كذبي، وإني أقسم لكم بالله لئن رد علي منكم انسان كلمة في مقامي هذا لا ترجع إليه كلمته حتى يسبق إلي رأسه، فلا يرعين رجل إلا على نفسه)، ثم دعا صاحب حرسه